فطروا على الخير الأعم جبلة |
|
لا يعرفون مواقع الشحناء |
ومتى رأيت أبي وهم في مجلس |
|
كان الإمام وهم من الخدماء |
وأعاد قولهم عليهم ربنا |
|
عدلا فأنزلهم إلى الأعداء |
فحرابة الملأ الكريم عقوبة |
|
لمقالهم في أول الآباء |
أو ما ترى في يوم بدر حربهم |
|
ونبينا في نعمة ورخاء |
بعريشه متملقا متضرعا |
|
لإلهه في نصرة الضعفاء |
فالإنسان المخلوق في أحسن تقويم ، لما ظهرت للملأ الأعلى طينته ، جهلت قيمته ، ونظر إلى الأضداد فقال بالفساد ، وغاب عن القبضة البيضاء ، وحميد الثناء ، بما أعطي من علم الأسماء ، ولم يكن الملأ الأعلى سمع بالصورة ، التي أعطته السورة ، فحمل الخلافة على من تقدم من القطّان ، في تلك الأوطان ، فلو علم أنه خليفة الحق لأذعن وسلم ، وما اعترض ولا نطق ، ثم ظهر في بنيه ما قاله من المقالة. وآدم للعالم كالروح من الجسد ، فالإنسان روح العالم ، والعالم جسد ، فبالمجموع يكون العالم كله هو الإنسان الكبير والإنسان فيه ، وإذا نظرت العالم وحده دون الإنسان وجدته كالجسم المسوى بغير روح ، وكمال العالم بالإنسان مثل كمال الجسد بالروح والإنسان منفوخ في جسم العالم ، فهو المقصود من العالم ، والعالم كله تفصيل آدم ، وآدم هو الكتاب الجامع ، فأرى الحق الملائكة شرف آدم عليهم ، بما خصه من علم الأسماء الإلهية ، التي خلق المشار إليهم بها وجهلتها الملائكة ، فكأنه يقول سبحانه : «أجعل علمي حيث شئت من خلقي أكرمه بذلك» ـ إشارة واعتبار في قوله تعالى (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) : اعتباره في العالم الصغير ، استخلاف الروح في أرض البدن ، لما أوجد الحق هذا الخليفة على حسب ما أوجده قال له : أنت المرآة وبك ننظر إلى الموجودات ، وفيك ظهرت الأسماء والصفات ، أنت الدليل عليّ ، وجهتك خليفة في عالمك ، تظهر فيهم بما أعطيتك ، تمدهم بأنواري ، وتغذيهم بأسراري ، وأنت المطالب بجميع ما يطرأ في الملك ، ومركز هذا الخليفة من البدن أو الجسم الذي هو مملكته إنما هو القلب شرعا لقوله صلىاللهعليهوسلم مخبرا عن ربه : ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي
____________________________________
من أجلي عن جهل بأمر ما ، في العلم به زيادة تعظيم في قلوبكم ، والدليل على ما ذهبنا إليه في