من حيث ما هي مرقومة ، ومن حيث ما هي متلفظ بها ، ومن حيث ما هي متوهمة في الخيال. (ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ) يعني : الأسماء الإلهية التي توجهت على إيجاد حقائق الأكوان ، ومن جملتها الأسماء الإلهية التي توجهت على الملائكة ، والملائكة لا تعرفها ، ثم أقام المسمين بهذه الأسماء وهي التجليات الإلهية التي هي للأسماء كالمواد الصورية للأرواح (فَقالَ) تعالى للملائكة : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ) يعني الصور التي تجلى فيها الحق ، والأسماء هنا : هي الأسماء الإلهية التي توجهت على الأشياء المشار إليها بقوله (هؤُلاءِ) فالهاء للإشارة والتنبيه ، ولا تقع الإشارة إلا على حاضر ، فنقول إنه عاين المسميات لكن على صورة ما فأراد الحق بالأسماء هنا الأسماء الإلهية التي استند إليها المشار إليهم بهؤلاء في إيجادهم وأحكامهم ، والمسميات هي التي عرضها على الملائكة والمشار إليها بقوله (هؤُلاءِ) أي هل سبحتموني بها؟ وقدستموا لي؟ فإنكم زعمتم أنكم تسبحون بحمدي وتقدسون لي! إذ كان الإنباء بالأسماء عين الثناء على المسمى ، والناس يأخذون هذه الآية على أن الأسماء هي أسماء المشار إليهم من حيث دلالتها عليهم ، كدلالة زيد في علميته على شخص زيد ، وعمرو على شخص عمرو ، وأي فخر في ذلك على الموصوفين بالعلم وهم الملائكة ، وما تفطن الناس لقولهم : (نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ) وقد فاتهم من أسماء الله تعالى ما توجهت على هؤلاء المشار إليهم ، ولذلك قال تعالى للملائكة : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في قولكم (نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ) هل سبحتموني بهذه الأسماء التي تقتضيها هذه التجليات التي أتجلاها لعبادي؟ و (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في قولكم : (وَنُقَدِّسُ لَكَ) أي قدستموني بها أو (نُقَدِّسُ لَكَ) ذواتنا عن الجهل بك ، فهل قدستم ذواتكم لنا من جهلكم بهذه التجليات ، وما لها من الأسماء التي ينبغي أن تسبحوني بها؟ فكان ذلك توبيخا من الحق للملائكة ، وتقريرا ، فإنهم زكوا نفوسهم ، وجرحوا خليفة الله في أرضه ، ولم يكن ينبغي لهم ذلك. فقالت الملائكة ما ذكر الله.
____________________________________
لم يتبين لنا أية حضرة كانت ، لكنه أخبر أنه وقعت الإشارة عليهم للملائكة ، فدل على وجود أعيانهم للملائكة ، وهل كانوا موجودين لهم من حيث أعيانهم؟ لم يتعرض لتعريف ذلك في هذه الآية ، ولو قال عرضها لجاز يعني الأسماء ، فيسألهم عن مدلولاتها من هم؟ ولكن ما ذكر إلا