(فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٧٣)
ولذلك فإن بين البقر والنفس نسبة ، إذ الغنم تناسب الأرواح ، والبدن أي الإبل تناسب الأجسام ، والبقر تناسب الأنفس ، لذلك قال تعالى : (اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى) فتحيا بإذن الله تلك النفس المقتولة للمناسبة ، فإنه لما كانت المناسبة بين البقر والإنسان قوية عظيمة السلطان ، لذلك حي بها الميت لما ضرب ببعض البقر ، فجاء بالضرب إشارة إلى الصفة القهرية لما شمخت النفس الإنسانية أن تكون سبب حياته بقرة ، ولا سيما وقد ذبحت وزالت حياتها ، فحيي بحياتها هذا الإنسان المضروب ببعضها ، وكان قد أبى لما عرضت عليه فضرب ببعضها فحيي بصفة قهرية ، للأنفة التي جبل الله الإنسان عليها ، وفعل الله ذلك ليعرفه أن الاشتراك بينه وبين الحيوان في الحيوانية محقق بالحد والحقيقة ، ولهذا هو كل حيوان جسم متغذ حساس ، فالإنسان وغيره ، من الحيوان. وانفصل كل نوع من الحيوان عن غيره بفصله المقوم لذاته الذي به سمي هذا إنسانا ، وهذا بقرا ، وهذا غنما ، وغير ذلك من الأنواع ، وما أبى الإنسان إلا من حيث فصله المقوم ، وتخيل أن حيوانيته مثل فصله
____________________________________
يسقى بها الحرث ، أي تدور بالسانية لصعوبتها (مُسَلَّمَةٌ) صحيحة (لا شِيَةَ فِيها) أي لا لون فيها من عير لونها (قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) المطلوب لنا ، أي استوفيت الصفة (فَذَبَحُوها) ومن كثرة تفتيشهم على صفتها كادوا لا يجدونها فلا يفعلون ، فهو قوله (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) (٧٣) (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها ، وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (٧٤) (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها ، كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ ، لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها) واختلف الناس في ذلك البعض ما هو؟ فمن جملة ما قالوه فخذها ، ولسانها ، وفيه مناسبة ، فإن اللسان محل الكلام ، والمراد من الميت النطق ليعرفوا الأمر ، وأما الفخذ خاصته فقد ورد أنه لا تقوم الساعة حتى تكلم الرجل فخذه بما فعل أهله بعده ، فخص الفخذ بذلك في الدنيا دون غيره من الأعضاء ، وهذا الإحياء إنما وقع في الدنيا ، وأما في الآخرة فتنطق الجلود والأيدي والأرجل والألسنة قال تعالى (كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى) يعني في قيام الميت حيا من قبره ، أي تظهر يوم القيامة حياته القائمة بجسمه ، التي نحن اليوم محجوبون عن إدراكها ، السارية في كل موجود من جماد ونبات وحيوان ، التي أدركها النبيون وأهل الكشف ، قال تعالى (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ