(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٧٤)
(وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) أي بكتمانه ، لما حصلوه من المال والرياسة بذلك (أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) يفيد أنه من سئل عن علم تعين عليه الجواب عنه وهو يعلمه ، فإن كتمه وهو مما أنزله الله ألجمه الله بلجام من نار.
____________________________________
قالوا : هي حلال مطلقا ، وهو مذهب مالك وغيره ، وذهب آخرون إلى تحريمها مطلقا ، وفرق آخرون فقالوا : ما جزر عنه البحر فهو حلال وما طفا من السمك فهو حرام ، ولكل فريق حجة موضعها كتب الأحكام ، واختلفوا في ميتة الجراد لأنهم اختلفوا فيه ، هل هو بري أو بحري؟ فمن قال إنه بري وغلب عليه حكم البر ألحقه بميتة البر ، ومن غلب عليه حكم البحر لحديث الترمذي أنه نثرة حوت ألحقه بميتة البحر ، وأما الدم فمن جعل الألف واللام للجنس عمّ ، ومن جعله للتعريف حمله على الدم المسفوح في قوله تعالى : (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) فقيده ، فاتفق العلماء على تحريم الدم المسفوح من الحيوان المذكى ، واختلفوا في غير المسفوح منه ، والسفح الذي يشترط إنما هو الدم السائل من التذكية في الحيوان الحلال الأكل ، إذ الدم السائل من الحي فهو حرام بلا خلاف ، قليله وكثيره ، وكذلك ما سال من دم الحيوان المحرم الأكل ، وإن ذكي فقليله وكثيره حرام بغير خلاف ، وأما اختلافهم في دم الحوت فمن حرمه فبعموم اللفظ ، ومن أحله فليس له دليل ، إلا أنه رأى أن الدم تابع في الحرمة والحل لميتة الحيوان ، فمن كان ميتته حراما فدمه حرام ، ومن كان ميتته حلالا فدمه حلال ، وأما لحم الخنزير فاتفقوا على تحريم لحمه وشحمه وجلده ما لم يدبغ جلده ، وأما الشحم وإن فارق اللحم بالاسم ، فإن اللحم يوصف به ، فيقال لحم شحيم ، أي سمين ، فكأن جنسا من اللحم يسمى شحما ، وقوله : (وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) الإهلال رفع الصوت ، والمراد هنا ما ذبح لغير الله ، أي سمي عليه غير الله على جهة القربة والعبادة لمن ذبح له ، وهو قوله : (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) ويتفرع هنا مسائل ليس هذا موضعها ، وقوله : (فَمَنِ