(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (١٩٦)
(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) وهو إتيانهما على الكمال ، وتمامهما إتيانهما كما شرعتا ، والعمرة بلا شك تنقص عن أفعال الحج ، وكمالها إتيانها كما شرعت ، (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) المحصر هو الممنوع عن الحج أو العمرة بأي نوع كان من المنع ، بمرض أو بعدو أو غير ذلك ،
____________________________________
لإقامة الدين والمصلحة ، وقد يحسن في وقت الاقتصاد في النفقة وترجيح إبقاء البعض من المال ، فقال تعالى : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أي أخرجوا ما رزقكم الله وجعلكم مستخلفين فيه في سبيل الله ، أي في الطريق التي فرض الله عليكم ، أو ندبكم أن تخرجوا فيها الأموال ، وإذا أمر الإنسان أن يبذل نفسه التي هي أشرف من ماله ويهلكها في سبيل الله فالمال أحرى وأولى (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) يقول : إلى البخل بذلك ، فإن فيه الهلاك ، أو يقول : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) بأن تنفقوها مبذرين ، والتبذير الإنفاق في غير طاعة الله ، وهو الإسراف وقد يكون الإنفاق في غير الأولى ، وهو أن يتعرض له سبيلان إلى الخير ، وأحدهما آكد في الدين من الآخر وأعظم وللشرع به عناية ، غير أن نفس هذا المكلّف صاحب المال له غرض نفسي في السبيل الآخر الذي هو دون الآخر في عناية الشرع به ، فينفق فيه ويترك الأولى ، فيكون ممن ألقى بيده إلى التهلكة ، حيث اختار ما لم يختر له الحق ، ولا سيما والله يقول : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) فأثبت هذا العبد لنفسه ما نفاه الحق عنه ، ثم قال : (وَأَحْسِنُوا) في النفقة ، وهذا يؤيد ما ذكرناه ، وهو أن الإحسان أن تعبد