ولم تقاتل وطلبوا السلم منّا وأخرجوا أيديهم من طاعة من قاتلنا منهم لغير خداع فلنا أن نسالم تلك الطائفة.
(وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (١٩٥)
(وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) وهو هنا البخل (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) المحسنون بما أشهدهم من كبريائه.
____________________________________
أَعْمالَكُمْ) وفيها قضاء نوافل العبادات ، وفيه أنه من صدّ عن عبادة شرع فيها فله أجر الصد وما له أجر العمل ، إذ لو كان له أجر العمل ـ وفائدة العمل حصول الثواب ـ وقد حصل ، فكان إذا شرع في وقت آخر في مثل ذلك العمل لا يكون قضاء ، وإنما يكون ابتداء عمل آخر مشابه للعمل الذي صدّ عنه ، ولا كان يسمى ذلك عمرة القضاء ، هذا إن كان النقل عن النبي صلىاللهعليهوسلم هذه التسمية ، وإن لم تكن منه فهذه عمرة أخرى ، وتلك العمرة التي صد عن إتمامها حصل له أجرها وكان محله حيث حبس ، ولهذا شرع للمحرم أن يقول : إن محلي حيث حبستني ، وإذا لم يقل ذلك عندنا وحبس عن تمام حجه أو عمرته فعليه دم على تركه هذا القول ، فإنه السنة ، والدماء في الحج لترك السنن ، والنبي صلىاللهعليهوسلم قد قضى الركعتين اللتين كان يصليهما بعد الظهر بعد العصر ، وأخبر أنهما تلك الركعتان ، فقضاهما وما كان قد شرع فيهما ، وإنما جاء الوفد فشغله قبل الشروع فيهما ، فكان قضاء لخروج الوقت الذي كان التزم أن يصليهما فيه دائما ، ثم قال : (١٩٦) (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) الآية ، يقال أهلك فلان نفسه بيده ، فالمعنى ولا تلقوا أنفسكم بأيديكم إلى التهلكة ، وقد تكون الباء زائدة ، والمعنى ولا تلقوا أيديكم إلى التهلكة ، أي إذا دعاكم ما يكون فيه هلاككم لا تلقوا بأيديكم إليه ، أي لا تنقادوا ولا تسمعوا له ، يحتمل سبيل الله هنا طرق البر كلها ، ويحتمل الجهاد خاصة ، وإن كان نزولها في الجهاد لما آثرت الأنصار الإقامة في أهلها وإصلاح أموالها وترك الجهاد حين فشا الإسلام وكثر ، ولكن سبيل الله كثيرة ، فالعدول إلى التخصيص تحكم أنه المقصود بالآية ، والتهلكة هنا يحتمل أمران : الواحد البخل ، والآخر التبذير ، فكأنه يريد الاقتصاد في النفقة حتى لا يقعد ملوما محسورا ، ولا يترك أولاده عالة يتكففون الناس ، وهذا يبنى على قدر الأوقات ، فقد يحسن في وقت بل يجب إخراج المال كله