الشمس ، وخسف القمر ، وحشرت الوحوش ، وسجرت البحار ، وزوجت النفوس بأبدانها ، ونزلت الملائكة على أرجائها ، أعني أرجاء السموات ، وأتى ربنا في ظلل من الغمام ، ونادى المنادي : يا أهل السعادة ، فأخذ منهم الثلاث الطوائف الذين ذكرناهم ، وخرج العنق من النار فقبض الثلاث الطوائف التي ذكرناهم ، وماج الناس ، واشتد الحر ، وألجم الناس العرق ، وعظم الخطب ، وجل الأمر ، وكان البهت فلا تسمع إلا همسا ، وجيئ بجهنم ، وطال الوقوف بالناس ولم يعلموا ما يريد الحق بهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فيقول الناس بعضهم لبعض ، تعالوا ننطلق إلى أبينا آدم فنسأله أن يسأل الله لنا أن يريحنا مما نحن فيه فقد طال وقوفنا ، فيأتون إلى آدم ، فيطلبون منه ذلك ، فيقول آدم : إن الله قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وذكر خطيئته ، فيستحي من ربه أن يسأله ، فيأتون إلى نوح بمثل ذلك ، فيقول لهم مثل ما قال آدم ، ويذكر دعوته على قومه وقوله ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ، ثم يأتون إلى إبراهيم عليهالسلام بمثل ذلك ، فيقولون له مثل مقالتهم لمن تقدم ، فيقول كما قال من تقدم ، ويذكر كذباته الثلاث ، ثم يأتون إلى موسى وعيسى ويقولون لكل واحد من الرسل مثل ما قالوه لآدم ، فيجيبونهم مثل جواب آدم ، فيأتون إلى محمد صلىاللهعليهوسلم وهو سيد الناس يوم القيامة ، فيقولون له مثل ما قالوا للأنبياء ، فيقول محمد صلىاللهعليهوسلم : أنا لها ، وهو المقام المحمود الذي وعده الله به يوم القيامة ، فيأتي ويسجد ويحمد الله بمحامد يلهمه الله تعالى إياها في ذلك الوقت ، لم يكن يعلمها قبل ذلك ، ثم يشفع إلى ربه أن يفتح باب الشفاعة للخلق ، فيفتح الله ذلك الباب ، فيأذن في الشفاعة للملائكة والرسل والأنبياء والمؤمنين ، فبهذا يكون سيد الناس يوم القيامة ، فإنه شفع عند الله أن تشفع الملائكة والرسل ، ومع هذا تأدب صلىاللهعليهوسلم وقال : أنا سيد الناس ، ولم يقل سيد الخلق فتدخل الملائكة في ذلك ، مع ظهور سلطانه في ذلك اليوم على الجميع ، وذلك أنه صلىاللهعليهوسلم جمع له بين مقامات الأنبياء عليهمالسلام كلهم ، ولم يكن ظهر له على الملائكة ما ظهر لآدم عليهالسلام من اختصاصه بعلم الأسماء كلها ، فإذا كان في ذلك اليوم ، افتقر الجميع من الملائكة والناس من آدم فمن دونه في فتح باب الشفاعة وإظهار ما له من الجاه عند الله ، إذ كان القهر الإلهي والجبروت الأعظم قد أخرس الجميع ، وكان هذا المقام مثل مقام آدم عليهالسلام وأعظم ،
____________________________________
(سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ). يقول الله لنبيه : سل بني إسرائيل كم ، وإن كانت