كان طلب العلم وعمل به جاز إلى الموقف الثامن ، فيسأل عن العجب ، فإن لم يكن معجبا بنفسه في دينه ودنياه أو في شيء من عمله جاز إلى الموقف التاسع ، فيسأل عن التكبر ، فإن لم يكن تكبر على أحد جاز إلى الموقف العاشر ، فيسأل عن القنوط من رحمة الله ، فإن لم يكن قنط من رحمة الله جاز إلى الموقف الحادي عشر ، فيسأل عن الأمن من مكر الله ، فإن لم يكن أمن من مكر الله جاز إلى الموقف الثاني عشر ، فيسأل عن حق جاره ، فإن كان أدى حق جاره أقيم بين يدي الله تعالى قريرا عينه ، فرحا قلبه ، مبيضا وجهه كاسيا ضاحكا مستبشرا ، فيرحب به ربه ويبشره برضاه عنه ، فيفرح عند ذلك فرحا لا يعلمه أحد إلا الله ، فإن لم يأت بواحدة منهن تامة ومات غير تائب حبس عند كل موقف ألف عام حتى يقضي الله عزوجل فيه بما يشاء ، ثم يؤمر بالخلائق إلى الصراط ، فينتهون إلى الصراط وقد ضربت عليه الجسور على جهنم ، أدق من الشعر وأحدّ من السيف ، وقد غابت الجسور في جهنم مقدار أربعين ألف عام ، ولهيب جهنم بجانبها يلتهب ، وعليها حسك وكلاليب وخطاطيف ، وهي سبعة جسور ، يحشر العباد كلهم عليها ، وعلى كل جسر منها عقبة مسيرة ثلاثة آلاف عام ، ألف عام صعود ، وألف عام استواء ، وألف عام هبوط ، وذلك قول الله تعالى عزوجل : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) يعني على تلك الجسور ، وملائكته يرصدون الخلق عليها ، ليسأل العبد عن الإيمان بالله فإن جاء به مؤمنا مخلصا لا شك فيه ولا زيغ جاز إلى الجسر الثاني ، فيسأل عن الصلاة ، فإن جاء بها تامة جاز إلى الجسر الثالث ، فيسأل عن الزكاة ، فإن جاء بها تامة جاز إلى الجسر الرابع ، فيسأل عن الصيام ، فإن جاء به تاما جاز إلى الجسر الخامس ، فيسأل عن حجة الإسلام ، فإن جاء بها تامة جاز إلى الجسر السادس ، فيسأل عن الطهر فإن جاء به تاما جاز إلى الجسر السابع ، فيسأل عن المظالم ، فإن كان لم يظلم أحدا جاز إلى الجنة ، وإن كان قصّر في واحدة منهن حبس على كل جسر منها ألف سنة حتى يقضي الله عزوجل فيه بما يشاء ، واعلم أن القيامة أمر محقق موجود حسي مثل ما هو الإنسان في الدنيا ، والحشر المحسوس في الأجسام المحسوسة والميزان المحسوس والصراط المحسوس والنار والجنة المحسوستين ، كل ذلك حق وأعظم في القدرة ، فإذا قام الناس ، ومدت الأرض ، وانشقت السماء ، وانكدرت النجوم ، وكورت
____________________________________
(وَقُضِيَ الْأَمْرُ) بين الفريقين فريق في الجنة وفريق في السعير (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (٢١٢)