عليهم ، فتنبسط عليهم ويرجع الحكم لها فيهم ، والمدى الذي يعطيه الغضب هو ما بين الرحمن الرحيم الذي في البسملة وبين الرحمن الرحيم الذي بعد قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فالحمد لله رب العالمين هو المدى ، فأوله الرحمن الرحيم وانتهاؤه الرحمن الرحيم ، وإنما كان الحمد لله رب العالمين عين المدى ، فإن في هذا المدى تظهر السراء والضراء ولهذا كان الحمد فيه وهو الثناء ، ولم يقيد بضراء ولا سراء في هذا المدى لأنه يعم السراء والضراء ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول في السراء : «الحمد لله المنعم المفضل» وفي الضراء «الحمد لله على كل حال» ويرجو رحمته ويخاف عذابه واستمراره عليه ، فجعل الله عقيب (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) قوله (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فالعالم بين هذه الرحمة ورحمة البسملة بما هو عليه من محمود ومذموم ، وهذا تنبيه عجيب من الله لعباده ليقوى عندهم الرجاء والطمع في رحمة الله فإنه أرحم الراحمين ، فإنه إن لم يزد على عبيده في الرحمة بحكم ليس لهم فما يكون أرحم الراحمين ، وهو أرحم الراحمين بلا شك ، فو الله لا خاب من أحاطت به رحمة الله من جميع جهاته ، وإذا صحت الحقائق فليقل الأخرق ما شاء ، فإن جماعة نازعوا في ذلك ولولا أن رحمة الله بهذه المثابة من الشمول لكان القائلون بمثل هذا لا تنالهم رحمة الله أبدا. الوجه الثاني الفاتحة في الصلاة : الصلاة جامعة بين الله والعبد في قراءة فاتحة الكتاب ، ومن هنا يؤخذ الدليل بفرضيتها على المصلي في الصلاة ، فمن لم يقرأها في الصلاة فما صلى الصلاة التي قسمها الله بينه وبين عبده ، فإنه ما قال قسمت الفاتحة وإنما قال قسمت الصلاة بالألف واللام اللتين للعهد والتعريف ، فلما فسر الصلاة المعهودة بالتقسيم جعل محل القسمة قراءة الفاتحة ، وهذا أقوى دليل يوجد في فرض قراءة الحمد في الصلاة ، والذي أذهب إليه وجوب قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة وإن تركها لم تجزه صلاته ، فقراءة أم القرآن في الصلاة واجبة إن حفظها ، وما عداها ما
____________________________________
قلنا الاجتماع على إقامة الدين لقوله (٧) (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) يعني من النبيين ، فإنه جعل لكل نبي شرعة ومنهاجا ، وقال تعالى : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) أي في القيام به ، فهذه الصفة هي الجامعة لكل ذي شرع ، وهو قوله تعالى لما ذكر الأنبياء لنبيه صلى الله على جميعهم : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) أي فيما ذكرناه ، لا في فروع الأحكام ، وإن