(صِراطَ الَّذينَ أَنعَمتَ عَلَيهِم غَيرِ المَغضوبِ عَلَيهِم وَلَا الضّالّينَ) (٧)
صراط الذين أنعمت عليهم من نبي ورسول ، أي الطريق وليس إلا الشرع الذي أنعمت به عليهم وهو الرحمة التي أعطتهم التوفيق والهداية في دار التكليف ، وهي رحمة عناية فكانوا بذلك غير مغضوب عليهم ولا ضالين ، لما أعطاهم الله الهداية فلم يحاروا (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) نعت للذين أنعمت عليهم وهو نعت تنزيه يقول من غضب الله عليه ، منّ علينا بالرحمة التي مننت بها على أولئك ابتداء من غير استحقاق حتى وصفتهم بأنهم غير مغضوب عليهم ، إذ قد مننت عليهم بالهداية فأزالت الضلالة التي هي الحيرة عنهم ، فمنّ بالذي يزيل ما استحققناه من غضب الله ، فيرحمهمالله برحمة الامتنان وهي الرحمة الثالثة بالاسم الرحمن ، فيزيل عنهم العذاب ويعطيهم النعيم فيما هم فيه بالاسم الرحيم ، فليس في أم الكتاب آية غضب بل كلها رحمة ، وهي الحاكمة على كل آية في الكتاب لأنها الأم ، فسبقت رحمته غضبه ، وكيف لا يكون ذلك والنسب الذي بين العالم وبين الله إنما هو من الاسم الرحمن ، فجعل الرحم قطعة منه فلا تنسب الرحم إلا إليه ، قال صلىاللهعليهوسلم : الرحم شجنة من الرحمن من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله ، وما في العالم إلا من عنده رحمة بأمر ما لا بد من ذلك ، فلا بد أن ينال الخلق كلهم رحمة الله ، فمنهم العاجل والآجل ، فإن رحمة الله سبقت غضبه فهي أمام الغضب ، فلا يزال غضب الله يجري في شأوه بالانتقام من العباد حتى ينتهي إلى آخر مداه ، فيجد الرحمة قد سبقته ، فتتناول منه العبيد المغضوب
____________________________________
شهيد ، وجاء في هذا بالتعريف ، فهو صراط مخصوص ، فلذا فسرناه بالصراط المؤدي إلى السعادة ، ولما كان الإنسان تعتريه في أكثر الأوقات الشبه المضلة الصارفة عن طريق العلم بالله ، من حيث توحيده وما يجب له ، وغير ذلك ، ولا سيما لأرباب الفكر والنظر ، احتاج أن يقول : بيّن لنا طريق الحق في ذلك ، والمطلوب هنا بالصراط المستقيم الاجتماع منه على إقامة الدين مطلقا ، حتى لا يؤمن ببعض ويكفر ببعض لما ذكرناه ، ونون الجماعة في اهدنا هي النون في نعبد ، وإنما