الذات المجردة على الإطلاق من حيث ما هي لنفسها من غير نسب لم يتوهم في هذا الاسم اشتقاق ، ولهذا سميت بالبسملة وهو قولك الاسم مع الله أي قولك بسم الله خاصة ، ثم قال بعد (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) من حيث ما هو أعني (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) من الأسماء المركبة كمثل بعلبك ورام هرمز ، فسماه به من حيث ما هو اسم له لا من حيث المرحومين ولا من حيث تعلق الرحمة بهم ، بل من حيث ما هي صفة له جل جلاله فإنه ليس لغير الله ذكر في البسملة أصلا ، فإذا قال العبد (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال الله تعالى «ذكرني عبدي» وما قيد هذا الذكر بشيء لاختلاف أحوال الذاكرين أعني البواعث لذكرهم ، فذكر تبعثه الرغبة وذكر تبعثه الرهبة وذكر يبعثه التعظيم والإجلال ، فأجاب الحق على أدنى مراتب العالم وهو الذي يتلو بلسانه ولا يفهم بقلبه ، لأنه لم يتدبر ما قاله إذا كان التالي عالما باللسان ولا ما ذكره ، فإن تدبر تلاوته أو ذكره كانت إجابة الحق له بحسب ما حصل في نفسه من العلم بما تلاه ، فإن الله يقول عند قراءة العبد القرآن كذا جوابا على حكم الآية ، فينبغي للإنسان إذا قرأ الآية أن يستحضر في نفسه ما تعطيه تلك الآية على قدر فهمه ، فإن الجواب يكون مطابقا لما استحضرته من معاني تلك الآية ، ولهذا ورد الجواب على أدنى مراتب العامة مجملا ، إذا العامي والعجمي الذي لا علم له بمعنى ما يقرأ يكون قول الله له ما ورد في الخبر ، فإن فصّلت في الاستحضار فصل الله لك الجواب ، فعلى هذا القدر في القراءة تتميز مراتب العلماء بالله والناس في صلاتهم ، ثم قال : قال الله تعالى فإذا قال العبد (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) في الصلاة يقول الله «حمدني عبدي» والحمد لله رب العالمين يعني العبد أن عواقب الثناء ترجع إلى الله ، ومعنى عواقب الثناء أي كل ثناء يثنى به على كون من الأكوان دون الله فعاقبته ترجع إلى الله لا لذلك الكون ، فرجعت عواقب الثناء إلى الله ومن وجه آخر إذا نظر إلى موضع اللام من قوله (لِلَّهِ) يرى أن الحامد عين المحمود لا غيره فهو الحامد المحمود ، وينفي الحمد عن الكون من كونه حامدا ونفى كون الكون محمودا ، فالكون من وجه محمود لا حامد ، ومن وجه لا حامد ولا محمود ، وأما كونه غير حامد فإن الحمد فعل والأفعال لله ، وأما كونه غير محمود فإنما يحمد المحمود بما هو له لا لغيره والكون لا شي
____________________________________
وهو من أسماء النواقص ، يقول العبد في الصلاة (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ