(الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَخافا أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٢٢٩)
من قال بالرجعة بعد ما طلق فما طلق ، وكان صاحب شبهة فيما نطق أنه به تحقق ، وإن لم يكن كذلك فهو أخرق ، الطلاق الرجعي رحمة بالجاهل الغبي ، ولو قلنا في الرجال
____________________________________
لا يجيز له الشرع أن يعاملها به وينكر عليه ، وقوله : (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) وهي الطلقة الثالثة ، يقول : وإن عجز عن المعروف في الإمساك لأسباب يعرفها من جهته فليسرحها بإحسان ، فمن الإحسان أن لا يخالعها بشيء يأخذه منها ، ويستحي من الله تعالى في تسريحها فلا يرزأها في شيء من نفسها بضرب وغيره وعرضها بكلام قبيح يسمعها ، ومال بشيء يأخذه منها مما وهبها إياه أو استحقته عليه ، وقال عليهالسلام : [الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه] فلهذا فسرناه هنا بالحياء من الله (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) ومن إحسانه إليها في هذا التسريح أن يترك لها حقا يستوجبه عليها ، أو يدفع لها شيئا من عنده تستعين به في زمان عدتها فضلا منه ، وكل ذلك من مكارم الأخلاق الذي بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليتمها ، أو يريد بقوله : (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ) أي بعد أن يراجعها (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) في وقوع الطلاق بعد المراجعة ، وإنما جعلنا هذا التفسير في الثالثة من أجل فاء التعقيب من قوله : (فَإِمْساكٌ) بعد قوله : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) وإنما من حيث المعاملة ، فهذا يلزمه شرعا في الطلقة الأولى ، وقوله : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) يقول : وحرمت عليكم ، إذ كان ضد الحل الحرمة ، لا من أجل قوله : «لا» وإنما ذلك من أجل الفعل الذي دخل عليه النهي وقوله : (أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) يقول : وهبتموهن شيئا ، فإن العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه ، وأما الصداق وما ألزمه الشرع من الكسوة والنفقة فذلك حق لها ، وقد نال منها العوض لذلك ، فإذا حرم عليه أن يأخذ ما وهبها منها مع أنه يمكن أن يعود في هبته لقلة مروءته وخساسة نفسه وأن له في ذلك حقا ما لم تكافيه على ذلك بقيمته ، فمن باب الأحرى والأولى أن يحرم عليه ولا يحل له أن يأخذ مما أعطاها من صداق وإنفاق يلزمه