التشريع ، فأعطى ، هذه الأمة الاجتهاد في نصب الأحكام ، وأمرهم أن يحكموا بما أداهم إليه اجتهادهم فأعطاهم التشريع ، فلحقوا بمقامات الأنبياء في ذلك ، وجعلهم ورثة لهم لتقدمهم عليهم ، فإن المتأخر يرث المتقدم بالضرورة ، وكل من دخل في زمان هذه الأمة بعد ظهور محمد صلىاللهعليهوسلم من الأنبياء والخلفاء الأول فإنهم لا يحكمون في العالم إلا بما شرع محمد صلىاللهعليهوسلم في هذه الأمة وتميز في المجتهدين وصار في حزبهم مع إبقاء منزلة الخلافة الأولى عليه ، فله حكمان ، يظهر بذلك في القيامة ، ما له ظهور بذلك هنا ، وكل وارث علم في زمان إنما يرث من تقدمه من الأنبياء عليهمالسلام لا من تأخّر عنه ، فوراثة عالم كل أمة كانت لنبي قبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وراثة جزئية ، وهذه الأمة المحمدية لما كان نبيها محمد صلىاللهعليهوسلم آخر الأنبياء ، وكانت أمته خير الأمم ، صح للوارث منهم أن يرثه ، ويرث جميع الأنبياء عليهمالسلام ولا يكون هذا أبدا في عالم أمة متقدمة قبل هذه الأمة فلهذا كانت أفضل أمة أخرجت للناس ، لأنها زادت على الوارثين بأمر لم ينله إلا هذه الأمة. قال صلىاللهعليهوسلم : [العلماء ورثة الأنبياء] وقال : [نحن معاشر الأنبياء لا نرث ولا نورث ، ما تركناه صدقة] يعني الورث ، أي ما يورث من الميت من المال ، فلم يبق الميراث إلا في العلم والحال والعبارة وعما وجدوه من الله في كشفهم ، فكنّا للناس مثل النبي للناس ، قال تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) أي خيارا (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) فجعل حكمنا ومنزلتنا في غيرنا من الأمم منزلة الرسول منا ، فنحن في حقهم رسل ، ولهذا قال عليهالسلام : [علماء هذه الأمة أنبياء سائر الأمم] في هذه المنزلة والمرتبة.
(لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١١١) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (١١٢) لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣)