سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا (١٦) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٦١) لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَـئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا) (١٦٢)
(وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) الزكاة واجبة بالكتاب والسنة والإجماع فلا خلاف فيها ، واتفق العلماء على أنها واجبة على كل مسلم حرّ بالغ عاقل مالك للنصاب ملكا تاما ، والزكاة واجبة في المال لا على المكلّف ، وإنما هو مكلف في إخراجها من المال ، فالزكاة أمانة بيد من هو المال بيده لأصناف معينين ، وما هو مال للحر ولا للعبد ، فوجب أداؤه لأصحابه ممن هو عنده وله التصرف فيه حرا كان أو عبدا من المؤمنين ، والأولى أن يكون كل ناظر في المال هو المخاطب بإخراج الزكاة منه ، وعلى ذلك فإن الوصي على المحجور عليه يخرج عنه الزكاة وليس له فيه شيء ، ولهذا قلنا إنه حق في المال ، فإن الصغير لا يجب عليه شيء ، وقد أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بالتجارة في مال اليتيم حتى لا تأكله الصدقة ، وعلى ذلك فإن الصدقة أي الزكاة واجبة في مال اليتيم يخرجها وليه ، وواجبة في مال المجنون المحجور عليه يخرجها وليه ، وواجبة في مال العبد يخرجها العبد ، أما أهل الذمة فالذي أذهب إليه أنه لا يجوز أخذ الزكاة من كافر وإن كانت واجبة عليه مع جميع الواجبات ، لأنه لا يقبل منه شيء مما كلّف به إلا بعد حصول الإيمان به ، فإن كان من أهل الكتاب ففيه عندنا نظر ، فإن أخذ الجزية منهم قد يكون تقريرا من الشارع لهم على دينهم الذي هم عليه ، فهو مشروع لهم ، فيجب عليهم إقامة دينهم ، فإن كان فيه أداء زكاة وجاؤوا بها قبلت منهم ، وليس لنا طلب الزكاة من المشرك وإن جاء بها قبلناها ، والكافر هنا المشرك ليس الموحد ، فلا زكاة على أهل الذمة بمعنى أنها لا تجزي عنهم إذا أخرجوها مع كونها واجبة عليهم كسائر فروض الشريعة ؛ لعدم الشرط المصحح لها ، وهو الإيمان بجميع ما جاءت به الشريعة لا بها ولا ببعض ما جاء به الشرع ، فلو آمن بالزكاة وحدها أو بشيء من الفرائض أنها فريضة ، أو بشيء من النوافل