(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) (٢٤)
ثبت أنه ما من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان ، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدّم ، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدّم ، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار ، فاتقوا النار ولو بشق تمرة ، والنار تتقى لما يكون من الألم عند تعلقها بنا ، فقوله تعالى (فَاتَّقُوا النَّارَ) أي اجعلوا بينكم وبينها وقاية حتى لا يصل إليكم أذاها يوم القيامة (الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ) المشركون ومنهم من ادعى الألوهية ، فدعاكم إلى عبادة نفسه ، أو عبدتموه وكان في وسعه أن ينهاكم عن ذلك فما نهاكم ، فمثل هؤلاء يكون من حصب جهنم (وَالْحِجارَةُ) المعبودة التي كانوا يصورونها في الكنائس وغيرها ، فالمشركون والحجارة المعبودة جمر جهنم.
(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢٥)
____________________________________
هو على كل شيء قدير ، قوله (٢٥) (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) يقول فإن لم تأتوا بسورة من مثله وعجزتم عن المعارضة ، ولن تفعلوا ولن تأتوا بمثله ، فنفى بلن الإتيان في المستقبل كما انتفى في الحال ، فجاء شبه المقحم ، وفيه فائدة الإخبار بعدم المعارضة في المستقبل ، وتأييد أنه خارج عن مقدور البشر ، فتبيّن صدق الرسول عندكم بعدم المعارضة ، فصح عنادكم إن لم تؤمنوا وترجعوا عن ضلالتكم ، فإن لم تفعلوا (فَاتَّقُوا النَّارَ) أي اتخذوا الإيمان بما جاء به محمد صلىاللهعليهوسلم وقاية من النار (الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ) الذين كفروا بما أنزل عليه (وَالْحِجارَةُ) الآلهة التي عبدوها من دون الله ، نكاية لهم حيث زعموا أنها تشهد لهم أنهم على الحق عند الله تعالى ، قالوا (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) فاتخذوهم شهداء ، ولذا قال (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) فدخولها معهم زيادة في عذابهم ، وقوله (أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) يعني النار ، وقد يحتمل أن يقول : أعدت الحجارة هنا ، أي هي معدة لعذابهم في النار ، ثم قال (٢٦) (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الآية ، يقول : وقل للمؤمنين