وارِدُونَ) (٩٨). (عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ) ، أي : غليظة أخلاقهم ، شديد انتصارهم يفزعون بأصواتهم ويزعجون بمرآهم ، ويهينون أصحاب النار بقوتهم ، وينفذون فيهم أمر الله ، الذي حتّم عليهم بالعذاب ، وأوجب عليهم شدة العقاب. (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) وهذا فيه أيضا مدح للملائكة الكرام ، وانقيادهم لأمر الله ، وطاعتهم له في كلّ ما أمرهم به.
[٧] أي : يوبخ أهل النار يوم القيامة بهذا التوبيخ ، فيقال لهم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ) ، أي : فإنه ذهب وقت الاعتذار ، وزال نفعه ، فلم يبق الآن إلا الجزاء على الأعمال. وأنتم لم تقدموا إلا الكفر بالله ، والتكذيب بآياته ومحاربة رسله وأوليائه.
[٨] قد أمر الله بالتوبة النصوح في هذه الآية ، ووعد عليها بتكفير السيئات ، ودخول الجنات ، والفوز والفلاح ، حين يسعى المؤمنون يوم القيامة ، بنور إيمانهم ، ويمشون بضيائه ، ويتمتعون بروحه وراحته ، ويشفقون إذا طفئت الأنوار ، الّتي تعطى المنافقين ، ويسألون الله ، أن يتم لهم نورهم فيستجيب الله دعوتهم ، ويوصلهم بما معهم من النور واليقين ، إلى جنات النعيم ، وجوار الرب الكريم ، وكلّ هذا ، من آثار التوبة النصوح. والمراد بها : التوبة العامة الشاملة لجميع الذنوب ، الّتي عقدها العبد لله ، لا يريد بها إلا وجه الله ، والقرب منه ، ويستمر عليها في جميع أحواله.
[٩] يأمر الله تعالى نبيه صلىاللهعليهوسلم بجهاد الكفار والمنافقين ، والإغلاظ عليهم في ذلك ، وهذا شامل لجهادهم بإقامة الحجة عليهم ، ودعوتهم بالموعظة الحسنة ، وإبطال ما هم عليه من أنواع الضلال ، وجهادهم بالسلاح والقتال ، لمن أبى أن يجيب دعوة الله ، وينقاد لحكمه ، فإن هذا ، يجاهد ويغلظ عليه. وأما المرتبة الأولى ، فتكون بالتي هي أحسن. فالكفار والمنافقون ، لهم عذاب في الدنيا ، بتسليط الله لرسوله ، وحزبه عليهم ، وعلى جهادهم ، وعذاب النار في الآخرة وبئس المصير ، الذي يصير إليه كلّ شقي خاسر.
[١٠] هذان المثلان ، اللذان ضربهما الله للمؤمنين والكافرين ، ليبين لهم أن اتصال الكافر بالمؤمن ، وقربه منه ، لا يفيده شيئا ، وأن اتصال المؤمن بالكافر ، لا يضره شيئا ، مع قيامه بالواجب عليه. فكأن في ذلك ، إشارة وتحذيرا لزوجات النبي صلىاللهعليهوسلم ، عن المعصية ، وأن اتصالهن به صلىاللهعليهوسلم لا ينفعهن شيئا مع الإساءة ، فقال : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا) ، أي : المرأتان (تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ) وهما نوح ، ولوط ، عليهماالسلام. (فَخانَتاهُما) في الدين ، بأن كانتا على غير دين زوجيهما ، وهذا هو المراد بالخيانة ، لا خيانة النسب والفراش ، فإنه ما بغت امرأة نبي قط ، وما كان الله ، ليجعل امرأة أحد من أنبيائه بغيا. (فَلَمْ يُغْنِيا) ، أي : نوح ولوط (عَنْهُما) ، أي : عن امرأتيهما (مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ).
[١١] (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ) وهي آسية بنت مزاحم رضي الله عنها ، (إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). فوصفها الله بالإيمان والتضرع لربها ، و؟؟؟ أجل المطالب ، وهو دخول