بالشر ، ثم تلاقي الله يوم القيامة فلا تعدم منه جزاء بالفضل أو العدل ، بالفضل إن كنت سعيدا ، وبالعقوبة العادلة إن كنت شقيا.
[٧] ولهذا ذكر تفضيل الجزاء ، فقال : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) (٧) ، وهم أهل السعادة.
[٨] (فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) (٨) وهو العرض اليسير على الله ، فيقرره الله بذنوبه ، حتى إذا ظن العبد أنه قد هلك ، قال الله تعالى : «إني قد سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أسترها لك اليوم».
[٩] (وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ) في الجنة. (مَسْرُوراً) لأنه قد نجا من العذاب وفاز بالثواب.
[١٠] (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ) (١٠) ، أي : بشماله من وراء ظهره.
[١١] (فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً) (١١) من الخزي والفضيحة ، وما يجد في كتابه من الأعمال التي قدمها ولم يتب منها.
[١٢ ـ ١٣] (وَيَصْلى سَعِيراً) (١٢) ، أي : تحيط به السعير من كل جانب ويقبل على عذابها ، وذلك (إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً) (١٣) لا يخطر البعث على باله ، وقد أساء ، ولا يظن أنه راجع إلى ربه وموقوف بين يديه.
[١٥] (بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً) (١٥) فلا يحسن أن يتركه سدى لا يؤمر ولا ينهى ولا يثاب ولا يعاقب.
[١٦] أقسم في هذا الموضع بآيات الليل ، فأقسم بالشفق الذي هو بقية نور الشمس ، الذي هو مفتتح الليل.
[١٧] (وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) (١٧) ، أي : احتوى عليه من حيوانات وغيرها.
[١٨] (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) (١٨) ، أي : امتلأ نورا بإبداره ، وذلك أحسن ما يكون وأكثر منافع ، والمقسم عليه قوله : (لَتَرْكَبُنَ) ، أي : أيها الناس (طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) ، أي : أطوارا متعددة وأحوالا متباينة من النطفة إلى العلقة ، إلى المضغة ، إلى نفخ الروح. ثم يكون وليدا وطفلا ومميزا ، ثم يجري عليه قلم التكليف ، والأمر والنهي ، ثم يموت بعد ذلك ، ثم يبعث ويجازى بأعماله. فهذه الطبقات المختلفة الجارية على العبد ، دالة على أن الله وحده هو المعبود ، الموحد ، المدبر لعباده ، بحكمته ورحمته ، وأن العبد فقير ، عاجز ، تحت تدبير العزيز الرحيم.
[٢١] ومع هذا ، فكثير من الناس لا يؤمنون (وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ) (٢١) ، أي : لا يخضعون للقرآن ، ولا ينقادون لأوامره ، ونواهيه.
[٢٢] (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ) (٢٢) ، أي : يعاندون الحق بعد ما تبين ، فلا يستغرب عدم إيمانهم وانقيادهم للقرآن ، فإن المكذب بالحق عنادا ، لا حيلة فيه.
[٢٣] (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ) (٢٣) ، أي : بما يعملونه وينوونه سرا ، فالله يعلم سرهم وجهرهم ، وسيجازيهم بأعمالهم ، ولهذا قال :
[٢٤] (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٢٤) ، وسميت البشارة بشارة لأنها تؤثر في البشرة سرورا أو غما. فهذه حال أكثر الناس ، التكذيب بالقرآن ، وعدم الإيمان به.
[٢٥] (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (٢٥) ومن الناس فريق هداهم الله ، فآمنوا بالله ، وقبلوا ما جاءتهم به الرسل ، فآمنوا وعملوا الصالحات. فهؤلاء لهم أجر غير ممنون ، أي : غير مقطوع ، بل هو أجر دائم مما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، والحمد لله. تم تفسير سورة الانشقاق.