لهم الفوز ، برضا الله ، ودار كرامته.
[١٢] (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) (١٢) ، أي : إن عقوبته لأهل الجرائم والذنوب العظام ، لقوية شديدة ، وهو للظالمين بالمرصاد. قال الله تعالى : (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (١٠٢).
[١٣] (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) (١٣) ، أي :
هو المنفرد بإبداء الخلق وإعادته ، فلا يشاركه في ذلك مشارك.
[١٤] (وَهُوَ الْغَفُورُ) الذي يغفر الذنوب جميعها ، لمن تاب ، ويعفو عن السيئات ، لمن استغفره وأناب. (الْوَدُودُ) الذي يحبه أحبابه ، محبة لا يشبهها شيء. فكما أنه لا يشابهه شيء في صفات الجلال والجمال ، والمعاني والأفعال ، فمحبته في قلوب خواص خلقه ، التابعة لذلك ، لا يشبهها شيء من أنواع المحاب. ولهذا كانت محبته أصل العبودية ، وهي المحبة التي تتقدم جميع المحاب وتغلبها ، وإن لم يكن غيرها تبعا لها ، كانت عذابا على أهلها. وهو تعالى الودود ، الوادّ لأحبابه ، كما قال تعالى : (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) ، والمودة هي المحبة الصافية. وفي هذا سر لطيف ، حيث قرن «الودود» بالغفور ، ليدل ذلك على أن أهل الذنوب ، إذا تابوا إلى الله وأنابوا ، غفر لهم ذنوبهم ، وأحبهم ، فلا يقال : تغفر ذنوبهم ، ولا يرجع إليهم الود ، كما قال بعض الظالمين. بل الله أفرح بتوبة عبده حين يتوب ، من رجل على راحلته ، عليها طعامه وشرابه ، وما يصلحه ، فأضلها في أرض فلاة مهلكة ، فأيس منها ، فاضطجع في ظل شجرة ينتظر الموت. فبينما هو على تلك الحال ، إذا راحلته على رأسه ، فأخذ بخطامها ، فالله أعظم فرحا بتوبة العبد ، من هذا براحلته ، وهذا أعظم فرح يقدر. فلله الحمد والثناء ، وصفو الوداد ، ما أعظم بره ، وأكثر خيره ، وأغزر إحسانه ، وأوسع امتنانه.
[١٥] (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) (١٥) ، أي : صاحب العرش العظيم ، الذي من عظمته ، أنه وسع السماوات والأرض ، والكرسي. فهي بالنسبة إلى العرش ، كحلقة ملقاة في فلاة ، بالنسبة لسائر الأرض ، وخص الله العرش بالذكر لعظمته ، ولأنه أخص المخلوقات بالقرب منه ، وهذا على قراءة الجر ، يكون «المجيد» نعتا للعرش. وأما على قراءة الرفع ، فإنه يكون نعتا لله ، والمجد سعة الأوصاف وعظمتها.
[١٦] (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (١٦) ، أي : مهما أراد شيئا فعله ، إذا أراد شيئا قال له كن فيكون ، وليس أحد فعالا لما يريد إلا الله. فإن المخلوقات ، ولو أرادت شيئا ، فإنه لا بد لإرادتها من معاون وممانع ، والله لا معاون لإرادته ، ولا ممانع له ، مما أراد.
[١٧ ـ ١٨] ثم ذكر من أفعاله الدالة على صدق ما جاءت به رسله ، فقال : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ) (١٨) وكيف كذبوا المرسلين ، فجعلهم من المهلكين.
[١٩] (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ) (١٩) أي : لا يزالون مستمرين على التكذيب والعناد ، لا تنفع فيهم الآيات ، ولا تجدي لديهم العظات.
[٢٠] (وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) (٢٠) قد أحاط بهم علما وقدرة ، كقوله : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) (١٤). ففيه الوعيد الشديد للكافرين ، من عقوبة من هم في قبضته ، وتحت تدبيره.
[٢١] (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) (٢١) ، أي : وسيع المعاني عظيمها ، كثير الخير والعلم.
[٢٢] (فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) (٢٢) من التغيير والزيادة والنقص ، ومحفوظ من الشياطين ، وهو : اللوح المحفوظ الذي قد أثبت الله فيه