خيره. ولكن انقسم الناس ـ حسب الإيمان بالقرآن ، والانتفاع به ـ قسمين.
[١٧٥] (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ) أي : اعترفوا بوجوده ، واتصافه بكل وصف كامل ، وتنزيهه من كل نقص وعيب. (وَاعْتَصَمُوا بِهِ) أي : لجأوا إلى الله ، واعتمدوا عليه ، وتبرأوا من حولهم وقوتهم ، واستعانوا بربهم. (فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ) أي : فسيتغمدهم بالرحمة الخاصة ، فيوفقهم للخيرات ، ويجزل لهم المثوبات ، ويدفع عنهم البليات. (وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً) أي : يوفقهم للعلم والعمل ومعرفة الحق والعمل به. أي : ومن لم يؤمن بالله ويعتصم به ، ويتمسك بكتابه ، منعهم من رحمته ، وحرمهم من فضله ، وخلى بينهم وبين أنفسهم ، فلم يهتدوا ، بل ضلوا ضلالا مبينا ، عقوبة لهم على تركهم الإيمان ، فحصلت لهم الخيبة والحرمان. نسأله تعالى ، العفو ، والعافية ، والمعافاة.
[١٧٦] أخبر تعالى أن الناس استفتوا رسوله صلىاللهعليهوسلم أي : في الكلالة بدليل قوله : (قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) وهي : الميت يموت ، وليس له ولد صلب ، ولا ولد ابن ، ولا أب ، ولا جد ، ولهذا قال : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) أي : لا ذكر ولا أنثى ، لا ولد صلب ، ولا ولد ابن. وكذلك ، ليس له والد ، بدليل أنه ورث فيه الإخوة ، والإخوة بالإجماع ، لا يرثون مع الوالد. فإذا هلك ، وليس له ولد ، ولا والد (وَلَهُ أُخْتٌ) أي : شقيقة ، أو لأب ، لا لأم ، فإنه قد تقدم حكمها. (فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ) أي : نصف متروكات أخيها ، من نقود ، وعقار ، وأثاث ، وغير ذلك ، وذلك من بعد الدين والوصية كما تقدم. (وَهُوَ) أي : أخوها الشقيق ، أو الذي للأب (يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) ولم يقدر له إرث ، لأنه عاصب فيأخذ مالها كله ، إن لم يكن صاحب فرض ولا عاصب يشاركه ، أو ما أبقت الفروض. (فَإِنْ كانَتَا) أي الأختان (اثْنَتَيْنِ) أي : فما فوق (فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً) أي : اجتمع الذكور من الإخوة لغير أم ، مع الإناث (فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) فيسقط فرض الإناث ، ويعصبهن إخوتهن. (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) أي : يبين لكم أحكامه التي تحتاجونها ، ويوضحها ، ويشرحها لكم ، فضلا منه وإحسانا ، لكي تهتدوا ببيانه ، وتعملوا بأحكامه ، ولئلا تضلوا عن الصراط المستقيم ، بسبب جهلكم ، وعدم علمكم. (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أي : عالم بالغيب والشهادة ، والأمور الماضية والمستقبلة ويعلم حاجتكم إلى بيانه ، وتعليمه ، فيعلمكم من علمه الذي ينفعكم على الدوام ، في جميع الأزمنة والأمكنة.
تم بعونه تعالى تفسير سورة النساء. فلله الحمد والشكر.