لخليله ، وفيها أحد بيوته الثلاثة المقدسة ، وهو بيت المقدس.
[٧٢] (وَوَهَبْنا لَهُ) حين اعتزل قومه (إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) ابن إسحق (نافِلَةً) بعد ما كبر ، وكانت زوجته عاقرا ، فبشرته الملائكة بإسحاق. (وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) ويعقوب ، هو إسرائيل ، الذي كانت منه الأمة العظيمة ، وإسماعيل بن إبراهيم ، الذي كانت منه الأمة الفاضلة العربية ، ومن ذريته ، سيد الأولين والآخرين. (وَكُلًّا) من إبراهيم وإسحق ويعقوب (جَعَلْنا صالِحِينَ) أي : قائمين بحقوقه ، وحقوق عباده ، ومن صلاحهم ، أنه جعلهم أئمة يهدون بأمره ، وهذا من أكبر نعم الله على عبده أن يكون إماما يهتدي به المهتدون ، ويمشي خلفه السالكون ، وذلك لما صبروا ، وكانوا بآيات الله يوقنون.
[٧٣] وقوله : (يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) أي : يهدون الناس بديننا ، لا يأمرون بأهواء أنفسهم ، بل بأمر الله ودينه ، واتباع مرضاته ، ولا يكون العبد إماما حتى يدعو إلى أمر الله. (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ) يفعلونها ويدعون الناس إليها ، وهذا شامل للخيرات كلها ، من حقوق الله ، وحقوق العباد. (وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ) هذا من باب عطف الخاص على العام ، لشرف هاتين العبادتين وفضلهما ، ولأن من كملهما كما أمر ، كان قائما بدينه ، ومن ضيعهما ، كان لما سواهما أضيع ، ولأن الصلاة أفضل الأعمال ، التي فيها حقه ، والزكاة أفضل الأعمال ، التي فيها الإحسان لخلقه. (وَكانُوا لَنا) أي : لا لغيرنا (عابِدِينَ) أي : مديمين على العبادات القلبية والقولية والبدنية في أكثر أوقاتهم ، فاستحقوا أن تكون العبادة وصفهم ، فاتصفوا بما أمر الله به الخلق ، وخلقهم لأجله.
[٧٤] هذا ثناء من الله على رسوله (لوط) عليهالسلام بالعلم الشرعي ، والحكم بين الناس ، بالصواب والسداد ، وأن الله أرسله إلى قومه ، يدعوهم إلى عبادة الله ، وينهاهم عما هم عليه من الفواحش ، فلبث يدعوهم ، فلم يستجيبوا له ، فقلب الله عليهم ديارهم وعذبهم عن آخرهم لأنهم (كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ). كذبوا الداعي ، وتوعدوه بالإخراج ، ونجى الله لوطا وأهله ، فأمره أن يسري بهم ليلا ، ليبعدوا عن القرية ، فسروا ونجوا ، وذلك من فضل الله عليهم ومنّته.
[٧٥] (وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا) التي من دخلها ، كان من الآمنين ، من جميع المخاوف ، النائلين كل خير وسعادة ، وبر ، وسرور ، وثناء ، وذلك لأنه من الصالحين ، الّذين صلحت أعمالهم ، وزكت أحوالهم ، وأصلح الله فاسدهم. والصلاح ، هو السبب لدخول العبد برحمة الله ، كما أن الفساد ، سبب لحرمانه الرحمة والخير ، وأعظم الناس صلاحا ، الأنبياء عليهمالسلام ولهذا يصفهم بالصلاح ، وقال سليمان عليهالسلام : (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ).
[٧٦ ـ ٧٧] أي : واذكر عبدنا ورسولنا ، نوحا عليهالسلام ، مثنيا مادحا ، حين أرسله الله إلى قومه ، فلبث فيهم ألف سنة ، إلا خمسين عاما ، يدعوهم إلى عبادة الله ، وينهاهم عن الشرك به ، ويبدي فيهم ويعيد ، ويدعوهم سرا وجهارا ، وليلا ونهارا. فلما رآهم لا ينجع فيهم الوعظ ، ولا يفيد لديهم الزجر ، نادى ربه وقال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى