والأجر. (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها) أي : عند ذبحها قولوا «بسم الله» واذبحوها. (صَوافَ) أي : قائمات ، بأن تقام على قوائمها الأربع ، ثمّ تعقل يدها اليسرى ، ثمّ تنحر. (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها) أي : سقطت على الأرض جنوبها ، حين تسلخ ، ثمّ يسقط الجزار جنوبها على الأرض ، فحينئذ قد استعدت ، لأن يؤكل منها. (فَكُلُوا مِنْها) وهذا خطاب للمهدي ، فيجوز له الأكل من هديه. (وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) أي : الفقير الذي لا يسأل ، تقنعا ، وتعففا ، والفقير الذي يسأل ، فكل منهما ، له حق فيهما. (كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ) أي : البدن (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الله على تسخيرها ، فإنه ، لو لا تسخيره لها ، لم يكن لكم بها طاقة ، ولكنه ذللها لكم ، وسخرها ، رحمة بكم وإحسانا إليكم ، فاحمدوه.
[٣٧] وقوله : (لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها) أي : ليس المقصود منها ، ذبحها فقط. ولا ينال الله من لحومها ، ولا دمائها شيء ، لكونه الغني الحميد ، وإنّما يناله الإخلاص فيها ، والاحتساب ، والنية الصالحة ، ولهذا قال : (وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ). ففي هذا ، حثّ وترغيب على الإخلاص في النحر ، وأن يكون القصد وجه الله وحده ، لا فخرا ، ولا رياء ، ولا سمعة ، ولا مجرد عادة ، وهكذا سائر العبادات ، إن لم يقترن بها الإخلاص ، وتقوى الله ، كان كالقشر الذي لا لبّ فيه ، والجسد ، الذي لا روح فيه. (كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ) أي : تعظموه وتجلوه. (عَلى ما هَداكُمْ) أي : مقابلة لهدايته إياكم ، فإنه يستحق أكمل الثناء وأجل الحمد ، وأعلى التعظيم. (وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) بعبادة الله بأن يعبدوا الله ، كأنهم يرونه ، فإن لم يصلوا إلى هذه الدرجة ، فليعبدوه ، معتقدين وقت عبادتهم ، اطّلاعه عليهم ، ورؤيته إياهم. والمحسنين لعباد الله ، بجميع وجوه الإحسان من نفع مال ، أو علم ، أو جاه ، أو نصح ، أو أمر بمعروف ، أو نهي عن منكر ، أو كلمة طيبة ونحو ذلك. فالمحسنون ، لهم البشارة من الله ، بسعادة الدنيا والآخرة وسيحسن الله إليهم ، كما أحسنوا في عبادته ولعباده (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) (٦٠) (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ).
[٣٨] هذا إخبار ، ووعد ، وبشارة من الله ، للذين آمنوا ، أن الله يدفع عنهم كلّ مكروه. ويدفع عنهم ـ بسبب إيمانهم ـ كل شر من شرور الكفار ، وشرور وسوسة الشيطان ، وشرور أنفسهم ، وسيئات أعمالهم ويحمل عنهم عند نزول المكاره ، ما لا يتحملون ، فيخفف عنهم غاية التخفيف. كل مؤمن ، له من هذه المدافعة والفضيلة ، بحسب إيمانه ، فمستقل ، ومستكثر. (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ) أي : خائن في أمانته ، التي حمله الله إياها ، فيبخس حقوق الله عليها ، ويخونها ، ويخون الخلق. (كَفُورٍ) لنعم الله ، يوالي الله عليه الإحسان ، ويتوالى منه الكفر والعصيان. فهذا لا يحبه الله ، بل يبغضه ويمقته ، وسيجازيه على كفره وخيانته ، ومفهوم الآية ، أن الله يحب كلّ أمين قائم بأمانته ، شكور لمولاه.
[٣٩] كان المسلمون في أول الإسلام ، ممنوعين من قتال الكفار ، ومأمورين بالصبر عليهم ، لحكمة إلهية. فلما هاجروا إلى المدينة ، وأوذوا ، وحصل لهم منعة وقوة ، أذن لهم بالقتال ، كما قال تعالى : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ) يفهم