وشركاء.
[٨٨ ـ ٨٩] فأراد عليهالسلام ، أن يكسر أصنامهم ، ويتمكن من ذلك ، فانتهز الفرصة في حين غفلة منهم ، لما ذهبوا إلى عيد من أعيادهم ، فخرج معهم (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) (٨٩). في الحديث الصحيح : «لم يكذب إبراهيم عليهالسلام إلا ثلاث كذبات : قوله : (إِنِّي سَقِيمٌ) وقوله : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) ، وقوله عن زوجته «إنها أختي».
[٩٠] والقصد أنه تخلف عنهم ، ليتم له الكيد بآلهتهم (ف) لهذا (فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ) (٩٠) فوجد الفرصة.
[٩١ ـ ٩٢] (فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ) أي : أسرع إليها على وجه الخفية والمراوغة. (فَقالَ) متهكما بها (أَلا تَأْكُلُونَ ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ) (٩٢) أي : فكيف يليق أن تعبد ، وهي أنقص من الحيوانات ، التي تأكل وتكلّم؟ وهذه جمادات لا تأكل ولا تكلّم.
[٩٣] (فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ) (٩٣) أي : جعل يضربها بقوته ونشاطه ، حتى جعلها جذاذا ، إلا كبيرا لهم ، لعلهم إليه يرجعون.
[٩٤] (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ) (٩٤) أي : يسرعون ويهرعون ، ويريدون أن يوقعوا به ، بعد ما بحثوا وقالوا : (مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ) (٥٩). وقيل لهم : (سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) يقول : (تَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ) (٥٧) فوبخوه ولاموه ، فقال : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ (٦٣) فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (٦٤) ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ (٦٥) قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ) الآية.
[٩٥] و (قالَ) هنا : (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ) أي : تنحتونه بأيديكم وتصنعونه؟ فيكف تعبدونهم ، وأنتم الذين صنعتموهم ، وتتركون الإخلاص لله؟
[٩٦ ـ ٩٧] (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (٩٦) قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً) أي : عاليا مرتفا ، وأوقدوا فيه النار (فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ) جزاء على ما فعل من تكسير آلهتهم.
[٩٨] (فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً) ليقتلوه ، أشنع قتلة (فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ) رد الله كيدهم في نحورهم ، وجعل النار على إبراهيم بردا وسلاما.
[٩٩] (وَ) لما فعلوا فيه هذا الفعل ، وأقام عليهم الحجة ، وأعذر منهم (قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي) أي : مهاجر إليه ، قاصد إلى الأرض المباركة ، أرض الشام. (سَيَهْدِينِ) يدلني على ما فيه الخير لي ، من أمر ديني ودنياي. وقال في الآية الأخرى : (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا) (٤٨).
[١٠٠] (رَبِّ هَبْ لِي) ولدا يكون (مِنَ الصَّالِحِينَ) وذلك ، عند ما أيس من قومه ، ولم ير فيهم خيرا ، دعا الله أن يهب له غلاما صالحا ، ينفع الله به في حياته ، وبعد مماته.
[١٠١] فاستجاب الله له وقال : (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) (١٠١) وهذا إسماعيل عليهالسلام بلا شك ، فإنه ذكر بعده البشارة ، وبإسحاق ، لأن الله تعالى قال في بشراه بإسحاق : (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) فدلّ على أن إسحاق غير الذبيح. ووصف الله إسماعيل عليهالسلام بالحلم ، وهو يتضمن الصبر ، وحسن الخلق ، وسعة الصدر ، والعفو عمن جنى.
[١٠٢] (فَلَمَّا بَلَغا) الغلام (مَعَهُ السَّعْيَ) أي : أدرك أن يسعى معه ، وبلغ سنا يكون في الغالب ، أحب ما يكون لوالديه ، قد ذهبت مشقته ، وأقبلت منفعته. فقال له إبراهيم عليهالسلام : (إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) أي : قد رأيت في النوم.