لا مزيد عليه.
وقد انقدح ممّا قدّمناه سابقا بما له من التحقيق أنّ الإطلاقات المذكورة ليست من سنخ الاستعمال بوجه من الوجوه في شيء في تلك الأمثلة على التفصيل المتقدّم ، كما أنّه لا يبقى ترديد لأحد إلى حدّ الآن ـ حسب ما تقدّم بيانه آنفا ـ أنّ هذا الاستعمال استعمال واقعي حقيقي ويكون في الموضوع له.
بيان ذلك أنّك قد علمت أنّ الوضع إنّما يكون من الامور النفسانية ، وأنّه من حيث الرتبة متقدّم على الاستعمال على جميع المشارب والمسالك في الوضع من التفسير في معنى الوضع ، وعليه فالوضع يحصل قبل الاستعمال ، فإذا حصل الوضع قبيل الاستعمال فالاستعمال صدر من أهله ووقع في محلّه وفي الموضوع له ، وهذا من الوضوح يكون كالنار على المنار.
ولكن مع ذلك كلّه لو أغمضنا عن تلك البراهين الواضحة بل تنزّلنا عن ذلك وقبلنا عدم كون الوضع من الامور النفسانيّة من الالتزام والتعهّد واعتبار الملازمة ونحوه من أمثال ذلك ، بل التزمنا بأنّ للإبراز والكاشف دخل فيه من حيث الحقيقة جزءا أو قيدا على نحو بدونه لا يتحقّق الوضع ، كما هو الحال عند من يقول بتلك الجزئية في تحقّق عنوان العقود من البيع والإجارة والصلح والنكاح والهبة والعتق والتحرير وأمثال ذلك من الامور الاعتبارية ، على نحو لا تتحقّق هذه العناوين إذا لم تكن مقرونة بتلك الكواشف القولية والفعلية ، عند من يقول بقيام الفعل مقام القول والصيغة كما في المعاطاة عند العرف ، بل للإبراز دخل فيها خبرا أو قيدا بحيث إنّ مجرّد ذلك الاعتبار النفساني ولو كان في نهاية شوق البائع والناكح إذا لم يكن مكشوفا بصيغ الكلام لا يتحقّق ذلك العنوان عند العرف ، فلا يكون معتبرا إذا تجرّد عن الكاشف بحيث يكون اقترانه بالكاشف دخيلا في تحقّقه عند العرف بعنوان الجزء.