يكون بهذا المنوال إذا اسند الفعل إلى الزماني كقولك : (أكل زيد وكتب بكر وضرب عمرو ولبس خالد) فإنّه لا محالة يدلّ على قصد المتكلّم الإخبار عن تحقّق المبدأ وتلبّس الذات به قبل حال التكلّم ، فتلك الخصوصية موجودة في الفعل الماضي في تمام موارد إطلاقاته واستعمالاته بلا دلالة له على وقوع المبدأ في الزمان الماضي.
نعم بين الإسناد إلى الزمان والإسناد إلى غيره فرق من جهة اخرى ، وهي عبارة عن أنّ الإسناد إلى الزمان ـ كما سبق ـ بالالتزام تدلّ على وقوع الحدث في الزمان الماضي ، فهذه الدلالة وإن كانت موجودة ، إلّا أنّها غير مستندة إلى أخذ الزمان في الموضوع له. ولعلّ قول المشهور في دلالة الفعل على الزمان ناظر إلى هذا السنخ من الدلالة ، لا أنّ الفعل له الدلالة بالوضع على الزمان ، بل من جهة أنّ صدور الفعل من الزماني قبل حال التكلّم لا ينفكّ وقوعه في الزمان الماضي بالحتم واليقين.
فالنتيجة الحاصلة من تمام ما ذكرناه في هذا المبحث تتلخّص في أمرين :
الأوّل : أنّ الأفعال بتمامها لا تدلّ على الزمان أصلا وأبدا ، لا بنحو الجزئيّة ولا بعنوان القيديّة بوجه من وجوه الدلالات الثلاثة من المطابقة والالتزام والتضمّن ، مع حفظ الدلالة الالتزاميّة إذا كان الفاعل أمرا زمانيّا.
ولا يذهب عليك أنّ هذه الدلالة غير معتمدة على لفظ الفعل بالوضع في اللغة من ناحية الواضع ، بل هي مستفادة من خصوصيّة خارجيّة ، وهي عبارة عن خصوصيّة إسناد الفعل إلى الزماني. ولأجل ذلك عين هذه الدلالة موجودة في الجمل الاسمية طابق النعل بالنعل أيضا ، إذا كان المسند إليه فيها زمانيا ، فإذا قيل : «زيد قائم» فهو يدلّ على قصد المتكلّم الحكاية عن تحقّق المبدأ وتلبّس الذات به في الخارج بالمطابقة ، وعلى وقوعه في أحد الأزمنة الثلاثة بالالتزام.