المقولات فيه ، وهذا واضح كالشمس في وسط السماء.
هذا تمام الكلام في ذلك المقال.
وبقي الكلام في ردّه وجوابه ، فلا يخفى عليك أنّه قدسسره إن كان مراده من وجود الملازمة بين طبيعي اللفظ والمعنى الموضوع له وجودها مطلقا لكلّ واحد من الآحاد حتّى الجاهل بالوضع والاعتبار والجعل ، فلا ريب في بطلانه ، بل بطلانه من الواضحات الأظهر من الشمس ولا ينبغي التشكيك فيه من أحد ، إذ من البديهيّات أنّ صحّة هذا المطلب يستلزم أن يكون سماع اللفظ وتصوّره ـ ولو كان من جهة اصطكاك الحجر بالحجر ـ علّة وسببا تامّا لانتقال الذهن إلى معناه ، ويترتّب عليه استحالة الجهل باللغات ، مع أنّ إمكان وقوعه غير قابل للإنكار ، بل إنّ وقوعه من أبده البديهيات لمن كان مطّلعا على وقوع الجهل باللغات من أرباب المحاورات عند سماع الألفاظ إذا لم يكن عارفا لمعناها.
إلّا أن يقال : إنّ مراده لثبوتها الثبوت للعالم بالوضع فقط دون غيره من الجهّال ، فيشكل عليه أنّ الأمر وإن كان كذلك وقريب للتصديق ، بمعنى أنّ هذه الملازمة للعالم بالوضع دون غيره من الجهّال ، ولكن الحقّ أنّ كلامنا مسوق لبيان حقيقة الوضع ، وهذه الملازمة لا ربط لها بحقيقة الوضع ، بل إنّما هي متفرّعة على الوضع وتكون متأخّرة عن الوضع رتبة ، فلا يخفى عليك أنّ محلّ بحثنا هنا حول تعيين الحقيقة التي تترتّب عليها الملازمة بين تصوّر اللفظ والانتقال إلى معناه بعد الاطلاع على الوضع.
وقد انتهى كلامنا إلى بيان مذهب كثير من المحقّقين والأعلام فيما اختاروا من الوضع ، وملخّص كلامهم أنّهم ذهبوا إلى أنّ حقيقة الوضع من الحقائق الاعتباريّة ، أعني أنّ الوضع عندهم حقيقة اعتباريّة ليس إلّا ، لكنّهم وقعوا في اختلاف آخر في كيفيّة تفسير هذه الحقيقة على أقوال :