يخصهما ، يأويان إليهما ليلا ، وبينهما وبين غيرهما حائل من الحديد والسلك ، بحيث لا يدخل عليهما غيرهما ، ولا يخرجان إلى غيرهما ليلا يعدو بعضهما على بعض. ولها أناس موكلون بها ، يدخلون إليها من أبواب تخصهما ، وأما الطيور التي تقدم ذكرها ، فلكل نوع منها قفص يخصه ، في وسطه خصة صغيرة ، قدر طبلة الأتاي الصغيرة ، ينبع الماء فيها بقدر يسير ، وأما الحيوان الذي يرعى النبات فمرعاه خصب أخضر يانع ، لا ينقطع الماء عنه ، لأنهم يركبون في مواضع منه جعبة الطرنبة ، قائمة مقدار نصف القامة ، ويركبون في رأسها جعبة حديد ، فيها ثقب كثيرة ، والماء يخرج منها ، وهي تدور بسرعة (١) ، فينفصل الماء عنها وينزل ممتدا نزوله منها إلى مكان بعيد ، فنرى / ١٢٥ / ذلك الماء ينزل كنزول المطر ، فبسببه يكثر النبات هناك ، ولا ينقطع ، وذكر لنا أن هذا الجنان أحدث في ذلك المكان هذه مدة من سبعة عشر عاما. وفيه رجل مسن ذو سمت حسن ، هو كبير القوم هناك ، وأخبر أنه كان من كبراء الدولة في أيام نابليون قبل ، وأنه الآن أخر من مرتبته ووكل بما وكل به في هذا الجنان ، وطلب من الباشدور أن يتكلم عنه في ذلك فأجابه بما يسلي خاطره ، انظر حال من كان في رتبة وساء فيها الأدب كيف أدب بالرد إلى سياسة الدواب. اللهم من علينا بحسن الأدب معك ومع عبادك ، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك ، ودبر لنا بأحسن التدبير ، وكن لنا وليا ونصيرا ، فأنت نعم المولى ونعم النصير. وأما (٢) غير هذا من الوحوش كالسباع وغيرها ، فقيل أنها في جنان آخر يخصها أبعد من هذا ، فاقتصرنا على ما رأيناه منها في هذا الجنان حيث لم يبق / ١٢٦ / عندنا شك وصار الخبر كالعيان ، فلم يسعنا إذ ذاك إلا الرجوع لوطننا الرحيب ، وكيف لا وقد كادت الشمس أن تغيب.
__________________
(١) الري بالرش SPrinkling هو تقليد للري المطري الطبيعي ، ونظامه يتكون أساسا من أنابيب لنقل المياه ورشاشات ، يقذف الماء في شكل رذاذ ، ومضخة لدفع الماء في الأنابيب تحت ضغط مناسب. عالم المعرفة التكنولوجيا الحديثة ، رقم ٥٠ ؛ ١٧٧ د ، محمد السيد عبد السلام.
(٢) طرة في هامش الصفحة من إنشاء صاحب الرحلة «هذا الفصل يقوم عند الخروج من هذه المبيضة بحول الله».