وكاتبه في كدش آخر. وركب معه الفقيه السيد محمد المصوري (١) الطنجي ، وهو كاتب الباشدور نائب جنس الفرنصيص بطنجة ورد في صحبتنا منها مع الترجمان المذكور ، لقضاء أغراضهم.
بعض أوصاف مرسيلية
وصار صاحبا الكدشين يطوفان بنا بزقاق البلد وبأسواقها ، فنرى بأبواب (٢) حوانيتها من التحف البديعة والأثاث المستظرفة العجيبة ما لا يكاد يصفه قلم ولا لسان ، ولا تبقى به وبأوصافه عبارة إنسان ، وزقاقها في غاية التوسعة. فالمحج الوسط فيه أربعة طرق ، الغالب لمشي الكروصات والأكداش ، وعن يمينه ويساره طريقان آخران لمشي الراجلين من الذكور والإناث ، وعرض كل طريق / ٤٥ / من هذه الطرق الأربع أزيد من ثلاثة أذرع (٣) ، وقد يوجد ما هو أعرض من ذلك في بعض المواضع ، حتى أنه يكون في عرض طرق الراجلين نحو ستة أذرع وأزيد ، فيظهر من هذا أنه يمكن أن تكون مساحة طرقها تعدل المساحة التي فيها الديار وسائر الأبنية ، أو تقرب منها والله أعلم.
__________________
(١) محمي فرنسي كان يشغل منصب كاتب أهلي بالسفارة الفرنسية بطنجة ، حتى توفي قبل سنة ١٨٧٩ م ، ومما جاء في رسالة سلطانية «... هذا المصوري شأنه من قديم لا يسعى إلا في الإفساد بين الدولتين وفتح أبواب الشنآن وكم لفعله هذا من نظير ...». ٤ محرم ١٢٩٥ ه / ٨ يناير ١٨٧٨ م نصها في : الوثائق الملكية ، ٤ : ٤٣٣. وقد كلف السلطان نائبه بطنجة بمخاطبة الفرنسيين «في إخراج المصوري المذكور من خدمتهم ، وإبعاده من طنجة ، إما بالانتقال إلى داخل الإيالة أو بنقله إلى مكان آخر لأن إبقاءه بطنجة لا يؤدي إلى خير» وذلك لأن «هذا المصوري شأنه هو هذا من قديم». الوثائق الملكية. ٤ : ٥٦ ، ولا سيما في الواقعة التي نشبت بين قنصل فرنسا بطنجة وباشا المدينة الجيلالي بن حمو سنة ١٨٧٨ م.
(٢) في الأصل حوانيتها بأبوابها والسياق يقتضي أن يكون العكس.
(٣) سبق قلم ـ ثلاث خطوات ـ.