الألفاظ الخاصة ، وليس في المقام إلا التعبير عنها بهذه الألفاظ في الكتاب العزيز ؛ ومن الواضح انه لا يدل على وجود تلك الألفاظ في الشرائع السابقة ؛ بل هو لأجل اقتضاء مقام الإفادة ذلك ، كما هو الحال بالقياس إلى جميع الحكايات والقصص القرآنية التي كانت بالسريانية كما في لغة «عيسى» عليهالسلام ، أو العبرانية كما في لغة «موسى» ، عليهالسلام بل من المعلوم ان تلك المعاني كانت يعبر عنها بألفاظ سريانية ، أو عبرانية ، وقد نقلت عنها بهذه الألفاظ الخاصة في شريعتنا لاقتضاء مقام الإفادة ذلك.
وان شئت فقل ان معنى الحقيقة الشرعية ليس جعل المعنى واختراعه ، بل جعل اللفظ بإزاء معنى من المعاني ولا يفرق فيه بين كون المعنى قديماً أو حادثاً في هذه الشريعة. وما يتوهم من ان الصلاة بهذه اللفظة موجودة في إنجيل برنابا ، لا بلفظة أخرى عبرانية ، أو سريانية فكما ان المعاني لم تكن مستحدثة ، فكذلك الألفاظ التي يعبر بها عنها ، مدفوع بان وجود لفظ «الصلاة» في الإنجيل الرائج لا يدل على وجوده في أصله المعلوم انه لم يكن باللغة «العربية». هذا مضافاً إلى ان لفظ «الصلاة» الموجود في الإنجيل والتوراة لم يكن بالمعنى المركب من الاجزاء والشرائط والكيفية الخاصة ، بل كان بمعنى الدعاء ، فالصلاة بهذه الكيفية والاجزاء والشرائط والموانع مستحدثة لا محالة.
وربما قيل بان الألفاظ المذكورة موضوعة بإزاء تلك المعاني قبل (الشريعة الإسلامية) فالعرب قبلها كانوا قد تعهدوا لهذه المعاني في استعمالاتهم ، والتزموا بذكر هذه الألفاظ عند إرادة تفهيمها ، ومن هنا كانوا ينتقلون إلى معاني هذه الألفاظ من لدن نزول هذه الآيات الكريمة كقوله تعالى : (كتب عليكم الصيام ، كما كتب على الذين من قبلكم) وقوله تعالى : (وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً) إلى غير ذلك ، وهم لا يتوقفون في فهم هذه المعاني من تلك الألفاظ ، ومن المعلوم ان هذا يكشف كشفا قطعياً عن كونها حقيقة فيها قبل زمن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله فهي