حقيقة لغوية وليست بحقيقة شرعية ، والقرآن الكريم قد تابعهم في استعمالها ، ليكون أوقع في النفوس ، حيث انهم كانوا مستأنسين بالتعبير عنها بهذه الألفاظ الخاصة.
والجواب عنه ان هذا وان كان ممكناً في نفسه إلا انه لا شاهد عليه ، لا من الآيات ؛ ولا من الروايات ، ولا من القرائن الخارجية.
اما الأخيرتان فظاهر.
واما الأولى فكذلك ، لأن شيئاً من هذه الآيات لا يشهد على ذلك ، فقوله تعالى : «كتب عليكم الصيام ... إلخ» ـ مثلا ـ لا يدل على ان الصوم بهذا اللفظ الخاصّ كان موجوداً قبل الشريعة ، غاية ما في الباب ان الآية تدل على ان الصوم كان موجوداً قبلها ، أما انه كان يعبر عنه بهذا اللفظ الخاصّ فهي ساكتة عن ذلك ، والتعبير عنه في الآية المباركة من جهة اقتضاء مقام الإفادة ذلك.
وأما انسباق هذه المعاني في أذهان القوم بمجرد نزول هذه الآيات فهو من جهة ان هذه الألفاظ قد صدرت عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله قبل نزولها ، ثم بعد ذلك جاءت الآيات الكريمة فحكت عما جاء به النبي الأعظم صلىاللهعليهوآله وقد استند فهم العرب إلى ذلك لا محالة.
(الوجه الثاني) : انا لو سلمنا ان تسمية هذه المعاني بهذه الألفاظ بالحقيقة الشرعية تدور مدار كونها مستحدثة في شرعنا ، إلا ان ثمرة ثبوت الحقيقة الشرعية تترتب على القول بثبوت الحقيقة في لسان الشارع لا محالة ، ولا أثر لكون هذه المعاني قديمة وثابتة في الشرائع السابقة بالقياس إلى الثمرة المزبورة أصلا ، ولا يترتب على كونها معاني حديثة أثر ما عدا التسمية بالحقائق الشرعية ، فان الثمرة التي ذكرت في المسألة وهي (حمل الألفاظ في استعمالات الشارع المقدس على المعاني الشرعية بناء على الثبوت) لا تترتب على كون هذه المعاني مستحدثة في هذه الشريعة ، إذ المراد من هذه الألفاظ في استعمالات النبي صلىاللهعليهوآله هو هذه المعاني سواء قلنا بكونها معاني حديثة