ضرورة ان المتشرعة يطلقون لفظ ال «صلاة» على كل مرتبة من مراتبها غافلين عن لحاظ التنزيل ، أو اشتراك هذه المرتبة مع المرتبة العليا في الأثر ، ولا يرون التفاوت في مرحلة الاستعمال والإطلاق بينها وبين بقية المراتب أصلا ، فهذا يكشف كشفاً قطعياً عن ان الموضوع له هو الجهة الجامعة بين جميع المراتب ، لا خصوص المرتبة العليا ، من دون فرق في ذلك بين العبادات وغيرها من المركبات ، فما أفاده ـ قده ـ كما لا يتم في العبادات كذلك لا يتم في سائر المركبات.
واما الثاني فمع الإغماض عما أجبنا به عن الأمر الأول يرد عليه انه فرق بين المركبات الشرعية وغيرها ، وهو ان للمراتب العليا من المركبات غير الشرعية حدوداً خاصة وأجزأ معينة التي لا يطرأ عليها الاختلاف بالزيادة والنقيصة ، وتنعدم بفقدان واحد منها ، كما إذا فرض انها ذات أجزأ ثلاثة ، أو أربعة ، أو خمسة ، أو عشرة ، أو أقل ، أو أزيد على اختلافها باختلاف المركبات فحينئذ يمكن دعوى ان اللفظ موضوع لخصوص المراتب العليا منها ، وإطلاقه على بقية المراتب من باب الادعاء والتنزيل ، أو من جهة الاشتراك في الأثر. وهذا بخلاف العبادات ، فان المراتب العليا منها ليست لها اجزاء خاصة بحيث لا تختلف زيادة ونقيصة ، فانها بأنفسها مختلفة ومتشتتة من ناحية الكمية ، أو الكيفية ـ مثلا ـ المرتبة العليا من «صلاة» الصبح غير المرتبة العليا من «صلاة» الظهرين ، وكلتاهما غير المرتبة العليا من «صلاة» المغرب ، وكل ذلك غير المرتبة العليا من «صلاة» العشاء بحسب الكمية ، أو الكيفية ، وهي بأجمعها غير المرتبة العليا من «صلاة» الآيات ، و «صلاة» العيدين وغيرهما.
وعلى الجملة فلا شبهة في أن «للصلاة» عرضاً عريضاً باعتبار أصنافها العديدة ولكل واحد من أصنافها أيضاً عرض عريض باعتبار مراتبها الطولية ، ومن المعلوم أن المرتبة العليا من كل صنف من أصنافها مباينة للمرتبة العليا من صنف آخر ، وهكذا :