أحدهما ما لوحظ فيه كثرة معينة من جانب القلة والكثرة وله حدّ خاص من الطرفين كالأعداد ، فان الخمسة ـ مثلا ـ مركبة من أعداد معينة بحيث لو زاد عليها واحد أو نقص بطل الصدق لا محالة.
وثانيهما ـ ما لوحظ فيه اجزاء معينة من جانب القلة فقط وله حد خاص من هذا الطرف ، وأما من جانب الكثرة ودخول الزائد فقد أخذ لا بشرط ، وذلك مثل الكلمة والكلام والدار وأمثال ذلك فان فيها ما أخذ مقوماً للمركب ، وما أخذ المركب بالإضافة إليه لا بشرط ، ومن الظاهر ان اعتبار اللا بشرطية في المعنى كما يمكن ان يكون باعتبار الصدق الخارجي كذلك يمكن أن يكون باعتبار دخول الزائد في المركب. كما انه لا مانع من أن يكون المقوم للمركب الاعتباري أحد أمور على سبيل البدل ، وقد مثلنا لذلك في الدورة السالفة بلفظ الحلوى فانه موضوع للمركب المطبوخ من شكر وغيره سواء كان ذلك الغير دقيق أرز أو حنطة أو نحو ذلك.
ولما كانت ال «صلاة» من المركبات الاعتبارية فانك عرفت انها مركبة من مقولات متعددة كمقولة الوضع ، ومقولة الكيف ونحوها ، وقد برهن في محله ان المقولات أجناس عاليات ومتباينات بالذات فلا تندرج تحت مقولة واحدة ، لاستحالة تحقق الاتحاد الحقيقي بين مقولتين بل لا يمكن بين افراد مقولة واحدة فما ظنك بالمقولات فلا مانع من الالتزام بكونها موضوعة للأركان فصاعداً.
والوجه في ذلك هو ان معنى كل مركب اعتباري لا بد ان يعرف من قبل مخترعه سواء كان ذلك المخترع هو الشارع المقدس أم غيره ، وعليه فقد استفدنا من النصوص الكثيرة ان حقيقة الصلاة التي يدور صدق عنوان ال «صلاة» مدارها وجوداً وعدماً عبارة عن التكبيرة والركوع والسجود ، والطهارة من الحدث على ما سنتكلم فيها عن قريب إن شاء الله تعالى ، واما بقية الاجزاء والشرائط فهي عند وجودها داخلة في المسمى ، وعند عدمها خارجة عنه وغير مضر بصدقة.