إحراز المقدمات الثلاث. أولها إحراز تعلق الحكم بالجامع بحسب المراد الاستعمالي وقابلية انقسامه إلى قسمين ، أو أقسام ، فهذه المقدمة لا بد من إحرازها وإلا فلا يعقل الإطلاق في مقام الثبوت كي يستكشف ذلك بالإطلاق في مقام الإثبات وحيث انه على القول بالصحيح قد تعلق الحكم بحصة خاصة ، وهي خصوص الحصة الصحيحة فالمقدمة الأولى مفقودة ، فالإطلاق اللفظي على القول بالصحيح غير معقول.
وأما ما استشهد على ذلك بتمسك الفقهاء (رض) بإطلاق صحيحة حماد المتقدمة فهو خلط بين الإطلاق الحالي ، والإطلاق اللفظي ، فان إطلاق الصحيحة إطلاق مقامي ، وهو أجنبي عن الإطلاق اللفظي المتقوم بإحراز صدق المفهوم على المورد المشكوك فيه ، والّذي لا يمكن التمسك به على الصحيحي هو الإطلاق اللفظي ، وأما الإطلاق المقامي فالتمسك به مشترك فيه بين القول بالصحيح والقول بالأعم والسر في ذلك : ان المعتبر في الإطلاق اللفظي أن يرد الحكم في القضية على الطبيعي الجامع القابل للانطباق على حصص عديدة ، ولا أقل من حصتين. وبعد ذلك تصل النوبة إلى إحراز بقية المقدمات من كون المتكلم في مقام البيان ، وعدم إتيانه بالقرينة على إرادة الخلاف. ولأجل ذلك لا يسع القائل بوضع الألفاظ للصحيح ان يتمسك بالإطلاق ، وذلك للشك في صدق المفهوم على الفاقد لما يحتمل دخله في المسمى. وأما الإطلاق الأحوالي فلا يعتبر فيه ذلك ، بل المعتبر فيه سكوت المتكلم عن البيان حين ما يورد الحكم على نفس الأجزاء ، والشرائط ، أو الافراد ـ مثلا ـ إذا كان المولى في مقام بيان ما يحتاجه اليوم من اللحم ، والخبز ، والأرز ، واللبن ، وغيرها من اللوازم ، فأمر عبده بشرائها ، ولم يذكر الدهن ـ مثلا ـ فبما انه كان في مقام البيان ، ولم يذكر ذلك فيستكشف منه عدم إرادته له وإلا لبينه.
ومن هنا لا نحتاج في هذا النحو من الإطلاق إلى وجود لفظ مطلق في القضية بل هو مناقض له كما عرفت آنفاً ، والإطلاق في الصحيحة من هذا القبيل ، فانه