سلام الله عليه كان في مقام بيان الاجزاء ، والشرائط ، فكلما لم يبينه يستكشف عدم دخله في المأمور به.
فالنتيجة ان أحد الإطلاقين أجنبي عن الإطلاق الآخر رأساً ، وجواز التمسك بأحدهما لا يستلزم جواز التمسك بالآخر ، كما انه لا فرق في جواز التمسك بالإطلاق الأحوالي بين القول بالوضع للصحيح ، والقول بالوضع للأعم. وأما الإطلاق اللفظي فلا يجوز التمسك به على القول بالصحيح دون الأعم. فما أورده القائل من الإشكال لا يرجع إلى معنى محصل.
(الثاني) : ان الأعمي كالصحيحي في عدم إمكان التمسك بالإطلاق عند الشك في اعتبار جزء أو قيد وذلك لأن أدلة العبادات جميعاً من الكتاب ، والسنة مجملة ولم ترد شيء منها في مقام البيان فإذا كان المتكلم فيها في مقام الإهمال ، أو الإجمال فلا يجوز التمسك بإطلاقها غاية الأمر ان عدم جواز التمسك على هذا القول من جهة واحدة وهي عدم ورود مطلقات العبادات في مقام البيان ، بل انها جميعاً في مقام التشريع والجعل بلا نظر لها إلى خصوصيتها من الكمية ، والكيفية. وعلى القول بالصحيح من ناحيتين : وهما عدم ورود المطلقات في مقام البيان وعدم تعلق الحكم بالجامع والمقسم ، فالنتيجة عدم صحة التمسك بالإطلاق على كلا القولين.
والجواب عنه : مضافاً إلى انه رجم بالغيب ان الأمر ليس كما ذكره القائل ، فان من الآيات الكريمة ما ورد في الكتاب ، وهو في مقام البيان كقوله تعالى : (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) فالمفهوم من كلمة الصيام عرفاً كف النّفس عن الأكل ، والشرب ، وهو معناه اللغوي ، فالصيام بهذا المعنى كان ثابتاً في سائر الشرائع والأديان بقرينة قوله تعالى : (كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) حيث لم يعتبر فيه سوى الكف عن الأكل والشرب عند تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
نعم ان ذلك يختلف كيفية باختلاف الشرائع ، ولكن كل ذلك الاختلاف