على تعيين أحد الأمرين فقد قيل بلزوم حمل اللفظ على الثاني تقديماً للحقيقة على المجاز ، ولكنه لا يتم فانه لا وجه له حتى على القول بان الاستعمال في أكثر من معنى واحد على سبيل الاستغراق استعمال حقيقي لما عرفت من أن الاستعمال في أكثر من معنى واحد على خلاف الظهور العرفي وان كان الاستعمال استعمالا حقيقياً. وأصالة الحقيقة هنا غير جارية كما لا يخفى.
وتظهر الثمرة بين الأمرين فيما لو كان لشخص عبدان كل منهما مسمى باسم واحد «الغانم» ـ مثلا ـ فباعهما المالك فقال للمشتري بعتك غانماً بدرهمين ، ووقع النزاع بين البائع والمشتري في استعمال هذا اللفظ وانه هل استعمل فيهما على سبيل المجموع ليكون ثمن العبدين درهمين أو على سبيل الاستغراق ليكون ثمن كل منهما درهمين والمجموع أربعة دراهم؟ ففي مثل ذلك نرجع إلى أصالة عدم اشتغال ذمة المشتري للبائع بأزيد من درهمين.
فتحصل من جميع ما ذكرناه ان استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد جائز ولا مانع منه أصلا. نعم هو مخالف للظهور العرفي فلا يمكن حمل اللفظ عليه بلا نصب قرينة ترشد إليه.
ثم انه لا فرق في ذلك بين التثنية والجمع وبين المفرد ، كما انه لا فرق بين أن يكون المعنيين حقيقيين أو مجازيين أو أحدهما حقيقياً والاخر مجازياً ، فان الملاك في الجميع واحد جوازاً ومنعاً.
وما قيل ـ في بيان استحالة إرادة المعنى المجازي ، والمعنى الحقيقي معاً من ان إرادة المعنى المجازي تحتاج إلى القرينة الصارفة عن إرادة المعنى الحقيقي وهي مانعة عن إرادته ولا تجتمع معها ـ يندفع بان هذا انما هو فيما إذا أراد المتكلم خصوص المعنى المجازي ، وأما إذا أراد المعنى المجازي والحقيقي معاً على نحو المجموع أو الجميع فيحتاج ذلك إلى القرينة الصارفة عن إرادة خصوص المعنى الحقيقي لا عن إرادته مع المعنى المجازي إذا كانت هناك قرينة تدل على ذلك.