المتصدي لها مثالا أعلى للمجتمع الإنساني (في علو الشأن وجلالة القدر والمكانة) فمن عبد الوثن في زمن معتد به كيف يكون أهلا لذلك ، وكيف يجعله الله تعالى ممثلا وهادياً للأمة ، والحال انه كغيره من افراد الأمة ، ولا امتياز له عن البقية في شيء. وهذا مما تستدعيه مناسبة الحكم والموضوع.
ويؤكده أمران آخران أيضاً :
(الأول) : نفس إطلاق الحكم في الآية المباركة ، فان الإتيان بصيغة المضارع وهي كلمة «لا ينال» بلا تقييدها بوقت خاص يدل على عدم اختصاص الحكم بزمن دون زمن ، وانه ثابت أبداً لمن تلبس بالظلم ولو آنا ما.
(الثاني) قد ورد في عدة من الروايات (١) النهي عن الصلاة خلف المحدود. والمجذوم. والأبرص. وولد الزنا. والأعرابي. فتدل على أن المتلبس بأحد هذه العناوين لا يليق أن يتصدى هذا المنصب الكبير ، لعدم المناسبة بينهما. وبالأولوية القطعية تدل على ان المتلبس بالظلم وعبادة الوثن أولى بعدم اللياقة للجلوس على كرسي الخلافة ، لعلو المنصب وعظم المعصية ، بل أن المحدود بالحد الشرعي في زمان ما لا يليق للمنصب المزبور إلى الأبد وان تاب بعد ذلك وصار من الأتقياء الخيار.
فقد أصبحت نتيجة ما ذكرناه حول الآية المباركة ان الاستدلال بها على عدم لياقة عبدة الأوثان للخلافة أبداً لا يبتنى على النزاع في وضع المشتق للأعم أو للمتلبس بالمبدإ.
__________________
(١) منها حسنة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام في حديث قال «قال» : أمير المؤمنين عليهالسلام لا يصلين أحدكم خلف المجذوم والأبرص والمجنون والمحدود وولد الزنا والأعرابي لا يؤم المهاجرين.
ومنها ـ صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام انه قال : خمسة لا يؤمون الناس ولا يصلون بهم صلاة فريضة في جماعة : الأبرص والمجذوم وولد الزناء والأعرابي حتى يهاجر والمحدود وما شاكلهما من الروايات. في الوسائل في الباب ١٥ من أبواب صلاة الجماعة.