ولا يخفى ان ما ذكره ليس مراداً للفلاسفة من الكلمتين (اللابشرط وبشرط اللا) يقيناً كما سيتضح ذلك. وعليه فما أورده ـ قده ـ عليهم في غير محله.
وقال : المحقق صاحب الكفاية ـ قده ـ في مقام الفرق بينهما ما هذا لفظه : الفرق بين المشتق ومبدئه مفهوماً انه بمفهومه لا يأبى عن الحمل على ما تلبس بالمبدإ ولا يعصى عن الجري عليه لما هما عليه من نحو من الاتحاد. بخلاف المبدأ ، فانه بمعناه يأبى عن ذلك ، بل إذا قيس ونسب إليه كان غيره لا هو هو ، وملاك الحمل والجري انما هو نحو من الاتحاد والهوهوية ، وإلى هذا المعنى يرجع ما ذكره أهل المعقول في الفرق بينهما.
أقول : ظاهر عبارته ـ قده ـ ان الفرق بينهما ذاتي بمعنى ان مفهوم المشتق سنخ مفهوم يكون في حد ذاته لا بشرط فلا يأبى عن الحمل. ومفهوم المبدأ سنخ مفهوم يكون في حد ذاته بشرط لا فيأبى عن الحمل ، لا ان هنا مفهوماً واحداً يلحظ تارة لا بشرط ، وأخرى بشرط لا ، ليكون الفرق بينهما بالاعتبار واللحاظ.
ويرد عليه : ان هذا لا يختص بالمشتق ومبدئه ، بل هو فارق بين كل مفهوم آب عن الحمل ، وما لم يأب عن ذلك ، بل إن هذا من الواضحات الأولية ، ضرورة أن كل شيء إذا كان بمفهومه آبيا عن الحمل فهو لا محالة كان بشرط لا. وكل شيء إذا لم يكن بمفهومه آبيا عنه فهو لا محالة كان لا بشرط. ومن الواضح أن الفلاسفة لم يريدوا بهاتين الكلمتين هذا المعنى الواضح الظاهر ، فانه غير قابل للبحث ، ولا أن يناسبهم التصدي لبيانه كما لا يخفى.
فالصحيح أن يقال : ان مرادهم كما هو صريح كلماتهم هو أن ماهية العرض والعرضي (المبدأ والمشتق) واحدة بالذات والحقيقة ، والفرق بينهما بالاعتبار واللحاظ من جهة ان لماهية العرض في عالم العين حيثيتين واقعيتين : إحداهما حيثية وجوده في نفسه. وأخرى حيثية وجوده لموضوعه ، فهي تارة تلاحظ من الحيثية الأولى وبما هي موجودة في حيالها واستقلالها وانها شيء من الأشياء في قبال وجودات