الحصص المنوعة كإطلاق (الحيوان) مثلا بالإضافة إلى أنواعه التي تحته ، أو بالقياس إلى الحصص المصنفة أو المشخصة كإطلاق (الإنسان) بالنسبة إلى أصنافه أو أفراده ، أو بالقياس إلى حالات شخص واحد من كمه وكيفه وسائر أعراضه الطارئة وصفاته المتبادلة على مر الزمن.
ومن البديهي ان غرض المتكلم في مقام التفهيم والإفادة كما يتعلق بتفهيم المعنى على إطلاقه وسعته كذلك قد يتعلق بتفهيم حصة خاصة منه فيحتاج ـ حينئذ ـ إلى مبرز لها في الخارج. وبما انه لا يكاد يمكن أن يكون لكل واحد من الحصص أو الحالات مبرزاً مخصوصاً لعدم تناهي الحصص والحالات بل عدم تناهي حصص أو حالات معنى واحد فضلا عن المعاني الكثيرة ، فلا محالة يحتاج الواضع الحكيم إلى وضع ما يدل عليها ويوجب افادتها عند قصد المتكلم تفهيمها ، وليس ذلك إلا الحروف والأدوات وما يشبهها من الهيئات الدالة على النسب الناقصة : كهيئات المشتقات وهيئة الإضافة والتوصيف ، فكل متكلم متعهد في نفسه بأنه متى ما قصد تفهيم حصة خاصة من معنى ، ان يجعل مبرزه حرفاً مخصوصاً أو ما يشبهه على نحو (القضية الحقيقية) لا بمعنى انه جعل بإزاء كل حصة أو حالة حرفاً مخصوصاً أو ما يحذو حذوه بنحو (الوضع الخاصّ والموضوع له الخاصّ) لما عرفت من انه غير ممكن من جهة عدم تناهي الحصص. فكلمة (في) في جملة : «الصلاة في المسجد حكمها كذا» تدل على ان المتكلم أراد تفهيم حصة خاصة من الصلاة ، وفي مقام بيان حكم هذه الحصة لا الطبيعة السارية إلى كل فرد. واما كلمتي الصلاة والمسجد فهما مستعملتان في معناهما المطلق واللابشرط بدون ان تدلا على التضييق والتخصيص أصلا
ومن هنا كان تعريف الحرف (بما دل على معنى قائم بالغير) من أجود التعريفات وأحسنها ، وموافق لما هو الواقع ونفس الأمر ومطابق لما ارتكز في الأذهان من ان المعنى الحرفي خصوصية قائمة بالغير وحالة له.
وان شئت فعبر : ان الأسماء بجواهرها وأعراضها وغيرهما تدل على المعاني