المطلقة اللابشرطية ، ولا يدل شيء منها على تضييقات هذه المعاني وتخصيصاتها بخصوصيات ؛ فلا محالة انحصر ان يكون الدال عليها هو الحروف أو ما يقوم مقامها. ـ مثلا ـ كلمة الدور موضوعة لمعنى جامع وسيع ودالة عليه ، ولكن قد يتعلق الغرض بتفهيم حصة خاصة منه وهي خصوص الحصة المستحيلة ـ مثلا ـ فإذا ما الّذي يوجب افادتها؟ وليس ذلك إلا الحرف أو ما يشبهه ، لعدم دال آخر ـ على الفرض ـ ، ونفس الكلمة لا تدل إلا على الطبيعي الجامع وهكذا.
وبكلمة واضحة ان وضع الحروف لذلك المعنى من نتائج وثمرات مسلكنا في مسألة الوضع ، فان القول بالتعهد لا محالة يستلزم وضعها لذلك ؛ حيث عرفت ان الغرض قد يتعلق بتفهيم الطبيعي وقد يتعلق بتفهيم الحصة ، والمفروض انه لا يكون عليها دال ما عدا الحروف وتوابعها ، فلا محالة يتعهد الواضع ذكرها أو ذكر توابعها عند قصد تفهيم حصة خاصة ، فلو قصد تفهيم حصة من طبيعي (الماء) ـ مثلا ـ كماء له مادة أو ماء البئر ، يبرزه بقوله : «ما كان له مادة لا ينفعل بالملاقاة» أو «ماء البئر معتصم» فكلمة اللام في الأول وهيئة الإضافة في الثاني تدلان على ان المراد من الماء ليس هو الطبيعة السارية إلى كل فرد ، بل خصوص حصة منه.
ولا فرق في ذلك بين ان تكون الحصص موجودة في الخارج أو معدومة ، ممكنة كانت أو ممتنعة. ومن هنا يصح استعمالها في صفات الواجب تعالى والانتزاعيات كالإمكان والامتناع ونحوهما ، والاعتباريات كالاحكام الشرعية والعرفية بلا لحاظ عناية في البين. مع ان تحقق النسبة في تلك الموارد حتى بمفاد (هل البسيطة) مستحيل. وجه الصحة هو أن الحروف وضعت لإفادة تضييق المعنى في عالم المفهومية مع قطع النّظر عن كونه موجوداً في الخارج أو معدوماً ، ممكناً كان أو ممتنعاً فانها على جميع التقادير تدل على تضييقه وتخصيصه بخصوصية ما على نسق واحد ؛ فلا فرق بين قولنا : «ثبوت القيام لزيد ممكن» و «ثبوت القدرة لله تعالى