وإليك بيان تفصيلي بالقياس إلى كل واحد منها :
(أقول) : اما القسم الأول منها وهو ما إذا أطلق اللفظ وأريد به شخصه كما إذا قيل (زيد ثلاثي) وأريد به شخص ذلك اللفظ ، فليس هو من قبيل استعمال اللفظ في المعنى في شيء ، وذلك لأن لازمه اتحاد الدال والمدلول ذاتاً وحقيقتاً إذ شخص هذا اللفظ دال وهو بعينه مدلول ، وهذا غير معقول.
وقد أجاب عن ذلك المحقق صاحب الكفاية ـ قده ـ بان الدال والمدلول في المقام وان كانا متحدين حقيقة إلا انه يكفي تعددهما اعتباراً ولا يلزم أن يكون الدال والمدلول متعددين ذاتاً ، وبما أن هنا حيثيتين واقعيتين وهما حيثية صدور اللفظ عن لافظه وحيثية أن شخصه متعلق إرادته فهو من الحيثية الأولى دال ومن الحيثية الثانية مدلول فلا يتحد الدال والمدلول من جميع الجهات.
ويرده ان هذه الدلالة أي دلالة اللفظ على انه مراد ومقصود وان كانت موجودة هنا إلا انها أجنبية عن دلالة اللفظ على المعنى رأساً ، بل هي دلالة عقلية سائرة في جميع الأفعال الاختيارية ، فان كل فعل صادر بالاختيار يدل على انه مراد لا محالة بداهة لزوم سبق الإرادة على الفعل الاختياري في تمام الموارد فهذه الدلالة من دلالة المعلول على علته وهي أجنبية عن دلالة الألفاظ على معانيها بالكلية
ومن هنا قد أجاب شيخنا المحقق ـ قده ـ عن الإشكال بجواب آخر وإليك نصه : «التحقيق ان المفهومين المتضايفين ليسا متقابلين مطلقا بل التقابل في قسم خاص من التضايف وهو ما إذا كان بين المتضايفين تعاند وتناف في الوجود كالعلية والمعلولية والأبوة والبنوة مما قضى البرهان بامتناع اجتماعهما في وجود واحد لا في مثل العالمية والمعلومية والمحبية والمحبوبية ، فانهما يجتمعان في الواحد غير ذي الجهات كما لا يخفى والحاكي والمحكي والدال والمدلول كاد أن يكون من قبيل القسم الثاني حيث لا برهان على امتناع حكاية الشيء عن نفسه كما قال عليهالسلام «يا من دل على ذاته بذاته» وقال عليهالسلام «أنت دللتني عليك».