(أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (٧٦) أي ببيان ما ذكر على وجهه الرافع للاختلاف بينهم لو أخذوا به وأسلموا (وَإِنَّهُ لَهُدىً) من الضلالة (وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٧٧) من العذاب (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ) كغيرهم يوم القيامة (بِحُكْمِهِ) أي عدله (وَهُوَ الْعَزِيزُ) الغالب (الْعَلِيمُ) (٧٨) بما يحكم به فلا يمكن أحدا مخالفته كما خالف الكفار في الدنيا أنبياءه (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) ثق به (إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) (٧٩) أي الدين البيّن ، فالعاقبة لك بالنصر على الكفار ، ثم ضرب أمثالا لهم بالموتى وبالصم وبالعمي فقال (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا) بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية بينها وبين الياء (وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) (٨٠) (وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ) ما (تُسْمِعُ) سماع إفهام وقبول (إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا) القرآن (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) (٨١) مخلصون بتوحيد الله (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ) حق العذاب أن ينزل بهم في جملة الكفار (أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ) أي تكلم الموجودين حين خروجها بالعربية تقول لهم من جملة كلامها عنا
____________________________________
الاستعارة التصريحية ، حيث شبه بالكتاب كالسجل الذي يضبط الحوادث ويحصيها ولا يشذ عنه شيء منها. قوله : (أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) أي فقد نص بالتصريح على الأكثر ، فلا ينافي قوله : ما فرطنا في الكتاب من شيء ، ومن جملته اختلافهم في شأن المسيح ، وتفرقهم فيه فرقا كثيرة ، فوقع بينهم التباغض ، حتى لعن بعضهم بعضا. قوله : (أي عدله) دفع بذلك ما يقال إن القضاء مرادف للحكم فينحل ، المعنى يقضي بقضائه أو يحكم بحكمه فأجاب بأن المراد بالحكم العدل. قوله : (فلا يمكن أحدا مخالفته) الخ ، تفريع على العزيز ، فكان المناسب تقديمه بلصقه. قوله : (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) الخ ، تفريع على كونه عزيزا عليما ، أي فإذا ثبتت له هذه الأوصاف فالواجب على كل شخص تفويض الأمور إليه والثقة به. قوله : (إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) علة للتوكل وكذا قوله : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى). قوله : (بينها وبين الياء) أي فتقرأ متوسطة بين الهمزة والياء والقراءتان سبعيتان. قوله : (مُدْبِرِينَ) أي معرضين. قوله : (بِهادِي الْعُمْيِ) ضمنه معنى الصرف فعداه بعن. قوله : (إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا) أي من سبق في علم الله أنه يكون مؤمنا ومن هنا قولهم لو لا السابقة ما كانت اللاحقة. قوله : (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ) أي قرب وقوعه ، وإنما عبر بالماضي لحصوله في علم الله ، لأن الماضي والحال والاستقبال في علم الله واحد لإحاطته بها ، والمراد بالقول : مواعيد القرآن بالفضائح والخزي والعذاب الدائم وغير ذلك للكفار. قوله : (حق العذاب) تفسير لوقع والمعنى قرب نزوله بهم. قوله : (أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ) أي وهي الجساسة ، ورد في الحديث : «أن طولها ستون ذراعا بذراع آدم عليهالسلام ، لا يدركها طالب ، ولا يفوتها هارب» وروي أن لها أربع قوائم ، ولها زغب وريش وجناحان ، وعن ابن جريج في وصفها : رأس ثور ، وعين خنزير ، وأذن فيل ، وقرن إبل ، وعنق نعامة ، وصدر أسد ، ولون نمر ، وخاصرة هرة ، وذنب كبش ، وخف بعير ، وما بين المفصلين اثنا عشر ذراعا بذراع آدم عليهالسلام. وعن أبي هريرة رضي الله عنه : فيها كل لون ما بين قرنيها فرسخ للراكب وعن علي رضي الله عنه : أنها تخرج بعد ثلاثة أيام والناس ينظرون ، فلا يخرج كل يوم إلا ثلثها. وعن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه سئل من أين تخرج