جاؤُ) مكان الحساب (قالَ) تعالى لهم (أَكَذَّبْتُمْ) أنبيائي (بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا) من جهة تكذيبكم (بِها عِلْماً أَمَّا) فيه إدغام ما الاستفهامية (ذا) موصول أي ما الذي (كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٨٤) بما أمرتم به (وَوَقَعَ الْقَوْلُ) حق العذاب (عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا) أي أشركوا (فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ) (٨٥) إذ لا حجة لهم (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا) خلقنا (اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ) كغيرهم (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) بمعنى يبصر فيه ليتصرفوا فيه (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) دلالات على قدرته تعالى (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٨٦) خصوا بالذكر لانتفاعهم بها في الإيمان بخلاف الكافرين (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) القرن النفخة الأولى من إسرافيل (فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) أي خافوا
____________________________________
قوله : (أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي) الاستفهام للتوبيخ والتقريع ، والمعنى أنكرتموها وجحدتموها. قوله : (وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً) الجملة حالية مؤكدة للإنكار والتوبيخ ، والمعنى أنكرتموها من غير فهمها وتأملها ، فهم مؤاخذون بالجهل والكفر. قوله : (أَمَّا ذا) أم منقطعة بمعنى بل ، وما اسم استفهام أدغمت ميم أم في ما ، فقوله : (فيه إدغام ما الاستفهامية) أي الإدغام فيها. قوله : (حق العذاب) أي نزل بهم وهو كنهم في النار. قوله : (فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ) أي بحجة واعتذار. قوله : (أَلَمْ يَرَوْا) أي يعلموا. قوله : (أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ) أي مظلما بدلالة قوله : (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) عليه كما حذف ليتصرفوا فيه من قوله : (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) بدلالة قوله : (لِيَسْكُنُوا فِيهِ) عليه ، ففي الآية احتباك. قوله : (بمعنى يبصر فيه) أي فالإسناد مجازي من الإسناد إلى الزمان. قوله : (ليتصرفوا فيه) أي بالسعي في مصالحهم. قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ) أي الجعل المذكور. قوله : (دلالات على قدرته تعالى) أي من حيث اختلاف الليل والنهار والظلمة.
قوله : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) معطوف على قوله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً). قوله : (النفخة الأولى) أي وتسمى نفخة الصعق ، ونفخة الفزع فعبر عنها بالفزع ، وفي سورة الزمر بالصعق ، قال تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) الخ ، فعند حصولها يموت كل حي ما عدا ما استثنى ، وأما النفخة الثانية فعندها يحيا كل من كان ميتا ، فالنفخة اثنتان وبينهما أربعون سنة ، وقيل إنها ثلاث : نفخة الزلزلة وذلك حين تسير الجبال وترتج الأرض بأهلها ، ونفخة الموت ، ونفخة الإحياء ، والقول الأول هو المشهور ، والصحيح في الصور أنه قرن من نور خلقه الله وأعطاه إسرافيل ، فهو واضعه على فيه ، شاخص ببصره إلى العرش ، ينتظر متى يؤمر بالنفخة ، وعظم كل دائرة فيه كعرض السماء والأرض ، ويسمى بالبوق في لغة اليمن. قوله : (من إسرافيل) أي وهو أحد الرؤساء الأربعة : جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل.
قوله : (مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) أي من كل من كان حيا في ذلك الوقت. قوله : (أي خافوا الخوف المفضي إلى الموت) أي استمر بهم الخوف إلى أن ماتوا به. قوله : (والتعبير بالماضي) الخ ، جواب عما يقال : إن الفزع مستقبل فلم عبر بالماضي؟ فأجاب بأنه لتحققه نزل منزلة الواقع ، لأن الماضي والحال والاستقبال بالنسبة لعلمه تعالى واحد ، لتعلق العلم به. قوله : (أي جبريل) الخ ، أي فهؤلاء الأربعة لا يموتون عند النفخة الأولى ، بخلاف باقي الملائكة ، وإنما يموتون بين النفختين ، ويحيون قبل