____________________________________
المدينة ، والخندق بينهم وبين المسلمين ، فلما رأته قريش قالوا : هذه مكيدة لم تكن العرب تعرفها ، وخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمسلمون معه ، حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع في ثلاثة آلاف من المسلمين ، فضرب هنالك عسكره والخندق بينهم وبين القوم ، وخرج عدو الله حيي بن أخطب رئيس بني النضير ، حتى أتى كعب بن أسد القرظي سيد بني قريظة ، فلما سمع كعب حييا ، أغلق دونه حصنه ، فاستأذن عليه ، فأبى أن يفتح له وقال له : ويحك يا حيي إنك امرؤ ميشوم ، إني عاهدت محمدا فلست بناقض ، فإني لم أر منه إلا وفاء وصدقا ، فما زال حيي به ويقول له : جئتك بعز الدهر ، حتى فتح له ونقض عهد رسول الله ، فلما انتهى الخبر إلى رسول الله ، بعث لهم سعد بن معاذ سيد الأوس ، وسعد بن عبادة سيد الخزرج ، وعبد الله بن رواحة ، فوجدوهم نقضوا عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فشاتموهم وقالوا لهم : لا عهد بيننا وبينكم ، ورجعوا وأخبروا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : الله أكبر ، أبشروا يا معشر المسلمين ، فشرعوا يترامون مع المسلمين بالنبل ، ومكثوا في ذلك الحصار خمسة عشر يوما ، وقيل أربعة وعشرين يوما فاشتد على المسلمين الخوف ، ثم إن نعيم بن مسعود الأشجعي من غطفان ، جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال له : إني أسلمت ، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي ، فمرني بما شئت ، قال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ «أخذل عنا إن استطعت ، فإن الحرب خدعة» ، فخرج نعيم حتى أتى بني قريظة ، وكان نديما لهم في الجاهلية ، فقال لهم : قد عرفتم ودي إياكم ، وخاصة ما بيني وبينكم ، قالوا : صدقت لست عندنا بمتهم ، فقال لهم : إن قريشا وغطفان جاؤوا لحرب محمد ، وقد ظاهرتموهم عليه ، وإن قريشا وغطفان ليسوا كهيئتكم ، البلد بلدكم ، به أموالكم وأولادكم ونساؤكم ، لا تقدرون على أن تتحولوا منه إلى غيره ، وإن قريشا وغطفان أموالهم وابناؤهم ونساؤهم بغيره ، وإن رأوا نهزة وغنيمة أصابوا ، وإن كان غير ذلك ، لحقوا ببلادهم ، وخلوا بينكم وبين هذا الرجل ، ولا طاقة لكم عليه إن خلا بكم ، فلا تقاتلوه مع القوم حتى تأخذوا رهنا من أشرافهم ، يكونون بأيديكم ثقة لكم على أن يقاتلوا معكم محمدا ، حتى لا يتأخروا ، قالوا : لقد أشرت برأي ونصح ، ثم خرج حتى أتى قريشا ، فقال لأبي سفيان بن حرب ومن معه : قد عرفتم ودي إياكم وفراقي محمدا ، فقد بلغني أمر ، رأيت حقا علي أن أبلغكم نصحا لكم فاكتموا علي ، قالوا : نفعل ، قال : تعلمون أن معشر يهود ، قد ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد ، وقد أرسلوا إليه أن قد ندمنا على ما فعلنا ، فهل يرضيك منا أن نأخذ من قريش وغطفان رجالا من أشرافهم ، فنعطيكم فتضرب أعناقهم ، ثم نكون معك على من بقي منهم ، فأرسل إليهم أن نعم ، فإن بعث إليكم يهود يلتمسون رهنا من رجالكم فلا تدفعوا إليهم منكم رجلا واحدا ، ثم خرج حتى أتى غطفان ، فقال : يا معشر غطفان ، أنتم أهلي وعشيرتي وأحب الناس إلي ، ولا أراكم تتهموني ، قالوا : صدقت ، قال : فاكتموا علي ، قالوا : نفعل ، فقال لهم مثل ما قال لقريش ، وحذرهم مثل ما حذرهم ، فلما كانت ليلة السبت من شوال سنة خمس ، وكان مما صنع الله لرسوله صلىاللهعليهوسلم ، أرسل أبو سفيان ورؤوس غطفان إلى بني قريظة فقالوا لهم : إنا لسنا بدار مقام ، قد هلك الخف والحافر ، فاغدوا للقتال حتى نناجز محمدا ، ونفرغ مما بيننا وبينه ، فأرسلوا إليهم أن اليوم السبت ، لا وهو يوم نعمل فيه شيئا ، وقد كان أحدث فيه بعضنا حدثا ، فأصابهم ما لم يخف عليكم ، ولسنا من الذين نقاتل معكم ، حتى تعطونا رهنا من رجالكم ، يكون بأيدينا ثقة لنا ، حتى نناجز معكم محمدا ، فإنا نخشى إن ضرمتكم الحرب ، واشتد عليكم القتال ، أن تسيروا إلى بلادكم وتتركونا ، والرجل