(ثُمَّ سُئِلُوا) أي سألهم الداخلون (الْفِتْنَةَ) الشرك (لَآتَوْها) بالمد والقصر ، أي أعطوها وفعلوها (وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلَّا يَسِيراً) (١٤) (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً) (١٥) عن الوفاء به (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً) إن فررتم (لا تُمَتَّعُونَ) في الدنيا بعد فراركم (إِلَّا قَلِيلاً) (١٦) بقية آجالكم (قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ) يجيركم (مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً) هلاكا وهزيمة (أَوْ) يصيبكم بسوء إن (أَرادَ) الله (بِكُمْ رَحْمَةً) خيرا (وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره (وَلِيًّا) ينفعهم (وَلا نَصِيراً) (١٧) يدفع الضر عنهم (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ) المثبطين (مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَ) تعالوا (إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ) القتال (إِلَّا قَلِيلاً) (١٨) رياء وسمعة (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) بالمعاونة جمع شحيح ، وهو حال من ضمير يأتون (فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ
____________________________________
عَلَيْهِمْ) أي دخلها الأحزاب. قوله : (الشرك) أي ومقاتلة المسلمين. قوله : (بالمد والقصر) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (أي أعطوها وفعلوها) لف ونشر مرتب. قوله : (وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلَّا يَسِيراً) أي أقاموا بالمدينة بعد نقض العهد وإظهار الكفر وقتال المسلمين إلا زمنا قليلا ويهلكون ، فالعزة لله ورسوله والمسلمين ، فالمعنى لو دخل الكفار المدينة ، وارتد هؤلاء المنافقون ، وقاتلوكم مع الكفار ، لأخذ الله بأيديكم سريعا بقطع دابرهم ، فلا تخشوا منهم داخل المدينة أو خارجها. قوله : (مِنْ قَبْلُ) أي قبل غزوة الخندق. قوله : (لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ) أي بل يثبتون على القتال حتى يموتوا شهداء. قوله : (مَسْؤُلاً) (عن الوفاء به) أي مسؤولا صاحبه هل وفى به أم لا.
قوله : (إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ) أي لأنه مصيبكم لا محالة. قوله : (وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً) أي وإن نفعكم الفرار وتمتعتم بالتأخير ، لم يكن ذلك التمتع إلا زمنا قليلا. قوله : (أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً) قدر له المفسر عاملا يناسبه وهو قوله : (أَوْ) (يصيبكم بسوء) لأنه لا يصلح لتساقط العامل السابق وهو (يَعْصِمُكُمْ) على حد : علفتها تبنا وماء باردا. قوله : (المثبطين) أي المكسلين غيرهم من القتال في سبيل الله وهم المنافقون.
قوله : (وَالْقائِلِينَ) عطف على (الْمُعَوِّقِينَ) وقوله : (لِإِخْوانِهِمْ) أي في الكفر والعداوة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والمراد بالقائلين اليهود من بين قريظة. قوله : (هَلُمَّ إِلَيْنا) اسم فعل ، ويلزم صيغة واحدة للواحد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث ، وهذه لغة أهل الحجاز ، وعند تميم هو فعل أمر ، تلحقه العلامات الدالة على التثنية والجمع والتأنيث ، ومقتضى عبارة المفسر أنه لازم حيث فسره بتعالوا ، ويصح جعله متعديا بمعنى قربوا ، ومفعوله محذوف ، والتقدير أنفسكم إلينا. قوله : (رياء وسمعة) أي لأن شأن من يكسل غيره عن الحرب لا يفعله إلا قليلا لغرض خبيث.
قوله : (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) أي مانعين للخير عنكم. قوله : (جمع شحيح) هذا هو المسموع فيه وقياسه أفعلاء ، كخليل وأخلاء ، والشح البخل. قوله : (رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ) إلخ ، هذا وصف لهم بالجبن ،