(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يس) (١) الله أعلم بمراده به (وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) (٢) المحكم بعجيب النظم وبديع المعاني (إِنَّكَ) يا محمد (لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (٣) (عَلى) متعلق بما قبله (صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٤) أي طريق الأنبياء قبلك ، التوحيد والهدى والتأكيد بالقسم وغيره ، رد لقول الكفار له : لست مرسلا (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ) في ملكه (الرَّحِيمِ) (٥) بخلقه خبر مبتدأ مقدر ، أي القرآن (لِتُنْذِرَ) به (قَوْماً) متعلق بتنزيل (ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ) أي لم ينذروا في زمن الفترة (فَهُمْ) أي القوم (غافِلُونَ) (٦) عن الإيمان والرشد (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ) وجب (عَلى أَكْثَرِهِمْ) بالعذاب
____________________________________
اختيار الصالحين في استعمالها التكرار ، كأربع أو سبع أو إحدى وأربعين وغير ذلك شدة الحجاب والغفلة على القلب ، فبالتكرار تصفو مرآته وترق طبيعته ، وإن كان الفضل المذكور لا يتوقف على تكرار ، كما يشهد له هذه الأحاديث.
قوله : (يس) القراء السبعة على تسكين النون ، بإدغامها في الواو بعدها ، أو بإظهارها ، وقرىء شذوذا بضم النون وفتحها وكسرها ، فالأول خبر لمبتدأ محذوف أي هذه ، ومنع من الصرف للعلمية والتأنيث ، والثاني إما على البناء على الفتح تخفيفا ، كأين وكيف ، أو مفعول به لفعل محذوف تقديره اتل ، أو مجرور بحرف قسم محذوف وهو ممنوع من الصرف ، والثالث مبني على الكسر ، على أصل التخلص من التقاء. الساكنين. قوله : (الله أعلم بمراده به) هذا أحد أقوال في تفسير الحروف المقطعة ، كحم وطس ، وتقدم أن هذا القول أسلم ، وقيل : معناه يا إنسان ، وأصله يا أنيسين ، فاقتصر على شطره لكثرة النداء به : وقيل هو اسم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقيل : اسم القرآن.
قوله : (وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) كلام مستأنف لا محل له من الإعراب ، وهو قسم ، وجوابه
قوله : (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ). قوله : (المحكم) أي المتقن الذي هو في أعلى طبقات البلاغة. قوله : (متعلق بما قبله) أي بالمرسلين ، ويصح أن يكون خبرا ثانيا لأن ، كأنه قيل : إنك لمن المرسلين ، إنك على صراط مستقيم. قوله : (أي طريق الأنبياء قبلك) أي وقولهم : إن شرع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ناسخ لجميع الشرائع ، فهو باعتبار الفروع ، وأما الأصول فالكل مستوون فيها ، ولا يتعلق بها نسخ. قال تعالى : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) الآية ، وقال تعالى : (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ). قوله : (وغيره) أي إن واللام والجملة الاسمية. قوله : (خبر ، مبتدأ مقدر) هذا أحد وجهين في الآية ، والآخر النصب على أنه مفعول لمحذوف أي امدح ، أو مفعول مطلق لنزل ، القراءتان سبعيتان. قوله : (لِتُنْذِرَ قَوْماً) أي العرب وغيرهم. قوله : (في زمن الفترة) هو بالنسبة للعرب ، ما بين اسماعيل ومحمد عليهما الصلاة والسّلام ، وبالنسبة لغيرهم ، ما بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسّلام. قوله : (فَهُمْ غافِلُونَ) مرتب على نفي الإنذار ، وقوله : (أي القوم) تفسير للضمير ، ويصح أن يكون الضمير راجعا للفريقين هم وآباؤهم.
قوله : (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ) أي وهو قوله : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ). قوله : (عَلى أَكْثَرِهِمْ) أي أكثر المكلفين من كل زمن ، فالأقل متحتم إيمانه ، والأكثر متحتم كفره ، وتقدم لنا في سورة