عليهم (وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ) بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفا وتسهيلها ، وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه (أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (١٠) (إِنَّما تُنْذِرُ) ينفع إنذارك (مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ) القرآن (وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) خافه ولم يره (فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) (١١) هو الجنة (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى) للبعث (وَنَكْتُبُ) في اللوح المحفوظ (ما قَدَّمُوا) في حياتهم من خير وشر ليجازوا عليه (وَآثارَهُمْ) ما استنّ به بعدهم (وَكُلَّ شَيْءٍ) نصبه بفعل يفسره (أَحْصَيْناهُ) ضبطناه (فِي إِمامٍ مُبِينٍ) (١٢) كتاب بيّن هو اللوح المحفوظ (وَاضْرِبْ) اجعل (لَهُمْ مَثَلاً) مفعول أول (أَصْحابَ) مفعول ثان (الْقَرْيَةِ) أنطاكية (إِذْ جاءَهَا) إلى آخره ، بدل
____________________________________
سدت عليه الطرق ، وأخذ بصره بجامع أن كلا لا يهتدي لمقصوده. قوله : (وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ) إلخ ، هذا نتيجة ما قبله ، وقوله : (لا يُؤْمِنُونَ) بيان للاستواء ، والمعنى إنذارك وعدمه سواء في عدم إيمانهم ، وهو تسلية له صلىاللهعليهوسلم ، وكشف لحقيقة أمرهم وعاقبتها. قوله : (بتحقيق الهمزتين) أي مع ادخال ألف بينهما وتركه ، فالقراءات خمس لا أربع كما توهمه عبارته ، فالتحقيق فيه قراءتان ، والتسهيل كذلك ، والإبدال فيه قراءة واحدة وهي سبعيات. قوله : (ينفع إنذارك) جواب عما يقال : إن ظاهر الآية يقتضي إن رسالته صلىاللهعليهوسلم غير عامة ، بل هي لقوم مخصوصين ، وهم (مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) ويخالف قوله سابقا (لِتُنْذِرَ قَوْماً) ، إلخ فأجاب المفسر عن ذلك ، بأن محط الحصر الإنذار النافع ، فلا ينافي وجود غيره لمن لم ينتفع به. قوله : (بِالْغَيْبِ) يصح أن يكون حالا من الفاعل أو المفعول ، وتقدم نظيره. قوله : (فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ) إلخ ، تفريع على ما قبله ، إشارة لبيان عاقبة أمرهم.
قوله : (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى) أي نبعثهم في الآخرة للمجازاة على أعمالهم. قوله : (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا). إن قلت : إن الكتابة متقدمة قبل الإحياء ، إذ هي في الدنيا والإحياء يكون في الآخرة. أجيب بأنه قدم الإحياء اعتناء بشأنه ، إذ لو لاه لما ظهرت ثمرة الكتابة. قوله : (في اللوح المحفوظ) المناسب أن يقول في صحف الملائكة ، لأن الكتابة التي تكون في حياة العباد ، إنما هي في صحف الملائكة ، وأما اللوح ، فقد كتب فيه ذلك قبل وجود الخلق. قوله : (ما استن به بعدهم) أي من خير : كعلم علموه ، أو كتاب صنفوه ، أو نخل غرسوه ، أو وقف حبسوه ، أو غير ذلك ، أو شر : كمكس رتبوه ، أو ضلالة أحدثوها ، أو غير ذلك ، لما في الحديث : «من سن سنة حسنة فعمل بها من بعده ، كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها ، من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة ، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده ، من غير أن ينقص من وزرهم شيء». قوله : (نصبه بفعل يفسره) إلخ ، أي فهو من باب الاشتغال.
قوله : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً) هذا خطاب النبي صلىاللهعليهوسلم أن يضرب لقومه مثلا ، لعلهم يتعظون فيؤمنوا. قوله : (أَصْحابَ) (مفعول ثان) الأوضح أن يجعله مفعول أولا. قوله : (أنطاكية) بالفتح والكسر وسكون النون وكسر الكاف وتخفيف الياء المفتوحة ، وهي مدينة بأرض الروم ، ذات سور عظيم من صخر ، وهي بين خمسة جبال ، دورها اثنا عشر ميلا. وحاصل تلك القصة. أن عيسى عليهالسلام ، بعث رسولين من الحواريين إلى أهل انطاكية ، اسم أحدهما صادق ، والثاني مصدوق ، فلما قربا من