موقع عظيم (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ) بالبعث (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٤٨) فيه ، قال تعالى : (ما يَنْظُرُونَ) أي ما ينتظرون (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) وهي نفخة إسرافيل الأولى (تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) (٤٩) بالتشديد أصله يختصمون نقلت حركة التاء إلى الخاء وأدغمت في الصاد أي وهم في غفلة عنها بتخاصم وتبايع وأكل وشرب وغير ذلك ، وفي قراءة يخصمون كيضربون أي يخصم بعضهم بعضا (فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً) أي أن يوصوا (وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) (٥٠) من أسواقهم وأشغالهم بل يموتون فيها (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) هو قرن النفخة الثانية للبعث ، وبين النفختين أربعون سنة (فَإِذا هُمْ) أي المقبورون (مِنَ الْأَجْداثِ) القبور (إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) (٥١) يخرجون بسرعة (قالُوا) أي الكفار منهم (يا) للتنبيه (يا وَيْلَنا) هلاكنا وهو مصدر
____________________________________
الله عنه ، كان يطعم مساكين المسلمين ، فلقيه أبو جهل فقال : يا أبا بكر ، أتزعم أن الله قادر على إطعام هؤلاء؟ قال : نعم ، قال : فما باله لم يطعمهم؟ قال : ابتلى قوما بالفقر ، وقوما بالغنى ، وأمر الفقراء بالصوم ، والأغنياء بالإعطاء ، فقال أبو جهل : والله يا أبا بكر ، إن أنت إلا في ضلال ، أتزعم أن الله قادر على إطعام هؤلاء ، وهو لا يطعمهم ، ثم تطعمهم أنت؟ وقيل : إنه من كلام المؤمنين للكفار ، وقيل : من كلام الله تعالى ردا عليهم. قوله : (موقع عظيم) أي وهو التبكيت والتقبيح عليهم.
قوله : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ) رجوع للكلام مع الكفار المعترفين بوجوده تعالى قوله : (أي ما ينتظرون) هذا مجاراة لأول كلامهم ، لأن شأن من يسأل عن الشيء ، أن يكون معترفا بوجوده ، وإلا فهم جازمون بعدمها. قوله : (الأولى) أي وهي التي يموت عندها من كان موجودا على وجه الأرض. قوله : (نقلت حركة التاء إلى الخاء) أي بتمامها أو بعضها ، فهما قراءتان. قوله : (وأدغمت) أي بعد قلبها صادا ، وحذفت همزة الوصل للاستغناء عنها بتحريك الخاء ، وقوله : (وفي قراءة) إلخ ، تلخص من كلامه أن القراءات هنا ثلاث ، وبقي رابعة وهي فتح الياء وكسر الخاء وكسر الصاد المشددة ، وعلى هذه القراءة ، فحركة الخاء ليست حركة نقل ، وإنما هي لما حذفت حركة التاء صارت ساكنة ، فالتقت ساكنة مع الخاء ، فحركت الخاء بالكسر على أصل التخلص من التقاء الساكنين ، وكل تلك القراءات سبعية. قوله : (أي وهم في غفلة عنها) أشار بهذا ، إلى أن المراد من الاختصام لازمه ، وهو الغفلة التي ينشأ عنها الاختصام وغيره ، وفي الحديث : «لتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبا بينهما ، فلا يتبايعانه ولا يطويانه ، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمها ، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقى فيه ، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها» أخرجه البخاري. قوله : (أي يخصم بعضهم بعضا) بيان لحاصل المعنى ، والمفعول محذوف على القراءة الأخيرة. قوله : (أن يوصوا) أي على أولادهم وأموالهم. قوله : (وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) معطوف على (يَسْتَطِيعُونَ). قوله : (وبين النفختين أربعون سنة) هذا هو الصحيح ، وقيل : أربعون يوما ، وقيل : غير ذلك. قوله : (أي المقبورون) أي من شأنه أن يقبر ، وقبر كل ميت بحسبه ، فيشمل من أكلته السباع ونحوه. قوله : (مِنَ الْأَجْداثِ) جمع جدث كفرس وأفراس ، وقرىء شذوذا الأجواف بالفاء ، وهي لغة في الأجداث. قوله : (يخرجون بسرعة) أي يسرعون في مشيهم قهرا ولا اختيارا. قوله : (أي الكفار) أي لا كل الخلائق ، إذ المؤمنون يفرحون