اشرنا اليها ما ظهر بين الفرق المحقة من الاختلاف الصادر عن العمل بها فانى وجدتها مختلفة المذاهب فى الاحكام يفتى احدهم بما لا يفتى به صاحبه فى جميع ابواب الفقه من الطهارة الى باب الديات من العبادات والاحكام والمعاملات والفرائض وغير ذلك مثل اختلافهم فى العدد والرؤية فى الصوم واختلافهم فى ان التلفظ بثلث تطليقات هل تقع واحدة ام لا ومثل اختلافهم فى باب الطهارة فى مقدار الماء الذى لا ينجسه شيء ونحو اختلافهم فى حد الكر ونحو اختلافهم فى استيناف الماء الجديد لمسح الرأس والرجلين واختلافهم فى اعتبار اقصى مدة النفاس واختلافهم فى عدد فصول الاذان والاقامة.
(وغير ذلك) فى ساير ابواب الفقه حتى ان بابا منه لا يسلم الا وجدت العلماء من الطائفة مختلفة فى مسائل منه او مسئلة متفاوتة الفتاوى وقد ذكرت ما ورد عنهم عليهمالسلام من الاحاديث المختلفة التى يختص الفقه فى كتابى المعروف بالاستبصار وفى كتاب تهذيب الاحكام ما يزيد على خمسة آلاف حديث وذكرت فى اكثرها اختلاف الطائفة فى العمل بها وذلك اشهر من ان يخفى الى ان قال :
(ثم قال ايضا فى العدة) ومما يدل ايضا على صحة ما ذهبنا اليه انا وجدنا الطائفة ميّزت الرجال الناقلة لهذه الاخبار فوثقت الثقات منهم وضعفت الضعفاء وفرّقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته وبين من لا يعتمد على خبره ومدحوا الممدوح منهم وذموا المذموم وقالوا فلان متهم فى حديثه وفلان كذاب وفلان مخلط فى المذاهب والاعتقاد وفلان واقفى وفلان فطحى وغير ذلك من الطعون التى ذكروها وصنفوا فى ذلك الكتب واستثنوا الرجال من جملة ما رووه من التصانيف فى فهارستهم حتى ان واحدا منهم اذا انكر حديثا نظر فى اسناده وضعفه بروايته هذه عادتهم على قديم الوقت وحديثه لا تنخرم فلولا ان العمل بما يسلم من الطعن ويرويه من هو موثوق به جائزا لما كان بينه وبين غيره فرق وكان يكون خبره مطرحا مثل خبر غيره فلا يكون فائدة لشروعهم فيما شرعوا فيه من التضعيف والتوثيق وترجيح الاخبار بعضها على بعض وفى ثبوت ذلك دليل على صحة ما اخترناه انتهى المقصود من كلامه زاد الله فى علو مقامه