ولا يخفى عليك ان دلالة هذه الآية اى آية النفر على حجية الخبر اظهر من دلالة آية النبأ عليها.
(ثم ان الشيخ) قدسسره قد اشار الى كل من الوجه الثانى والثالث بقوله الثانى ان ظاهر الآية وجوب الانذار لوقوعه غاية للنفر الواجب بمقتضى كلمة لو لا فاذا وجب الانذار افاد الحذر لوجهين.
(احدهما) وقوعه غاية للواجب فان الغاية المترتبة على فعل الواجب مما لا يرضى الآمر به بانتفائه سواء كان من الافعال المتعلقة للتكليف مثل قول المولى لعبده ادخل السوق واشتر اللحم ام لا كما فى قولك تب لعلك تفلح واسلم لعلك تدخل الجنة وقوله تعالى (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) (الثانى) انه اذا وجب الانذار ثبت وجوب القبول وإلّا لغا الانذار ونظير ذلك ما تمسك فى المسالك على وجوب قبول قول المرأة وتصديقها فى العدة من قوله تعالى (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ) فاستدل بتحريم الكتمان ووجوب الاظهار عليهن على قبول قولهن بالنسبة الى ما فى الارحام هذا تمام الكلام فيما يتعلق بآية النفر من تقريب الاستدلال بها.
(وفى القوانين) وجه الدلالة انه تعالى اوجب الحذر عند انذار الطوائف للاقوام وهو يتحقق بانذار كل طائفة من الطوائف لقومهم ولما لم يدل لفظ الفرقة على كونهم عدد التواتر فلفظ الطائفة اولى بعدم الدلالة بل الظاهر ان الفرقة يطلق على الثلاثة فيصدق الطائفة على الاثنين بل الواحد ايضا.
(اقول) فى المجمع الطائفة الفرقة من الناس ومنه قوله تعالى (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) وعن ابن عباس الطائفة من الواحد فما فوقه وفى الغريبين قوله طائفة منهم اى جماعة ويجوز ان يقال للواحد طائفة والطائفة من الشىء القطعة منه قال البصريون هو جمع واحدة طوفاءة وقال الكوفيون هو مصدر كالرجحان والنقصان انتهى
(ثم) قال قدسسره ولا يضر ضمير الجمع فى قوله تعالى (لِيَتَفَقَّهُوا) فى شموله للواحد ايضا لانه عبارة عن الطوائف ولا يلزم من ذلك لزوم اعتبار الانذار من جميع