فى معصية ربه فقد حكى الله تعالى قول يوسف لاخوته (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) فنسبهم الى الجهل لمخاطرتهم بانفسهم فى معصية الله انتهى وبالجملة لا اشكال فى ان الاعتماد على خبر الفاسق يكون من الجهالة دون الاعتماد على خبر العادل.
(ولكن قد اورد) الشيخ قدسسره على هذا القول فيما يأتى عن قريب بقوله وفيه مضافا الى كونه خلاف ظاهر لفظ الجهالة ان الاقدام على مقتضى قول الوليد لم يكن سفاهة قطعا اذ العاقل بل جماعة من العقلاء لا يقدمون على الامور من دون وثوق بخبر المخبر بها فالآية تدل على المنع عن العمل بغير العلم لعلّة هى كونه فى معرض المخالفة للواقع فانتظر التفصيل فيما يأتى إن شاء الله تعالى.
(قوله لا يقال) توضيح هذا الايراد بوجهين (احدهما) ان النسبة بين المفهوم وظهور التعليل وان كان عموما من وجه اذ مقتضى المفهوم حجية خبر العادل مطلقا سواء افاد العلم ام لا ومقتضى التعليل عدم حجية الخبر الواحد الظنى مطلقا سواء كان المخبر فاسقا أو عادلا فيتعارضان فى مادة الاجتماع وهى خبر العادل الغير المفيد للعلم لكن الترجيح مع الاول اى عموم المفهوم وادخال مادة الاجتماع فيه دون الثانى اى ظهور التعليل كيف ولو قدم ظهور التعليل وانحصر مورد المفهوم فى خبر العادل المفيد للعلم يلزم اللّغوية فى الكلام لان خبر الفاسق المفيد للعلم ايضا واجب العمل.
(وثانيهما) ان النسبة بين المفهوم والتعليل العموم والخصوص المطلق فان المفهوم يختص بخبر العدل الغير المفيد للعلم لان الخبر المفيد للعلم خارج عن المنطوق والمفهوم اذ الموضوع فى القضية هو الخبر القابل لان يتبين عنه وهو ما لا يكون مفيدا للعلم فالمفهوم خاص بخبر العدل الذى لا يفيد العلم والتعليل عامّ لكل ما لا يفيد العلم فلا بدّ من تخصيص عموم التعليل بالمفهوم وإلّا يبقى المفهوم بلا مورد وقد اشار الشيخ قدسسره الى هذا الوجه الثانى بقوله بل الخبر المفيد للعلم خارج عن المنطوق والمفهوم معا فيكون المفهوم اخص مطلقا من عموم التعليل.