(وبعبارة اخرى) غرض البعض المذكور دفع التنافى بين المفهوم والتعليل ودفع الايراد الثانى المبنى عليه من جهة ان التنافى بينهما انما يكون اذا كان المراد بالجهالة هو عدم العلم الشامل لخبر العادل واما اذا كان المراد السفاهة وفعل ما لا يجوز فعله عند العقلاء فلا تشمل خبر العادل لان العمل بخبر العادل لا يكون سفاهة قطعا بدليل قوله تعالى (فَتُصْبِحُوا) الآية بدعوى ان الندامة انما تحصل بفعل ما يكون سفاهيا غير مجوّز عند العقلاء لا بغيره ولو كان المراد من الجهالة الغلط فى الاعتقاد يعنى لو كان المراد منها عدم العلم الذى يكون مخالفا للواقع احيانا لدلت الآية على عدم جواز الاعتماد على الشهادة والفتوى وغيرهما لجريان التعليل فيها.
(قوله وفيه مضافا الى كونه خلاف ظاهر لفظ الجهالة الخ) حاصل ما اورد عليه الشيخ قدسسره مضافا الى كون الجهالة بمعنى السفاهة خلاف ظاهر لفظ الجهالة ان الاقدام على مقتضى قول الوليد لم يكن سفاهة قطعا اذا العاقل بل جماعة من العقلاء لا يقدمون على الامور من دون وثوق بخبر المخبر بها فالآية تدل على المنع عن العمل بغير العلم لعلة هى كونه فى معرض المخالفة للواقع.
(ثم) ان الشيخ قدسسره قد ذكر فيما تقدم معنى آخر للجهالة يحصل به التفصى ايضا وهو ان يكون المراد من التبين فى قوله تعالى (فَتَبَيَّنُوا) هو الظهور والانكشاف الاطمينانى لا التبين العلمى ويكون المراد من الجهالة ما يقابل الظهور والانكشاف الاطمينانى فيختص التعليل بخبر الفاسق فقط ولا يعم خبر العادل كى ينافى المفهوم فان خبر العادل مما يورث الانكشاف الاطمينانى غالبا بخلاف خبر الفاسق.
(واما جواز الاعتماد على الفتوى والشهادة) فلا يجوز قياسهما بحجية خبر الواحد بمعنى ان الاعتماد عليهما ليس من جهة ان مفهوم الآية تدل على حجية خبر العادل رواية كان او الفتوى او الشهادة بل الاعتماد عليهما لما تقدم فى توجيه كلام ابن قبة من ان الاقدام على ما فيه مخالفة الواقع احيانا كالفتوى والشهادة قد يحسن